مصابيح الدرر في تناسب آيات القرآن الكريم والسور

عادل بن محمد أبو العلاء ت. غير معلوم
78

مصابيح الدرر في تناسب آيات القرآن الكريم والسور

الناشر

الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة

رقم الإصدار

العدد١٢٩-السنة ٣٧

سنة النشر

١٤٢٥هـ

تصانيف

كَقَوْلِه تَعَالَى: ﴿يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا﴾ (الْحَدِيد/٤) للتضاد بَين الْقَبْض والبسط، والولوج وَالْخُرُوج، والنّزول والعروج، وَشبه التضاد بَين السَّمَاء وَالْأَرْض. وَمِمَّا فِيهِ مُنَاسبَة التضاد: ذكرُ الرَّحْمَة بعد الْعَذَاب، وَالرَّغْبَة بعد الرهبة - أَو الْعَكْس - وَقد جرت عَادَة الْقُرْآن إِذا ذكر أحكامًا، ذكر بعْدهَا وَعدا ووعيدًا؛ ليَكُون باعثًا على الْعَمَل بهَا، ثمَّ يذكر آيَات توحيده وتنْزيهه، ليُعلم عَظمَة الْآمِر والناهي.. وَهَذَا كَمَا فِي سُورَة الْبَقَرَة وَالنِّسَاء والمائدة. .. وَإِن لم تكن معطوفة؛ فَلَا بُدَّ من رابطة تؤذن باتصال الْكَلَام، وَهِي قَرَائِن معنوية تؤذن بالربط، وَله أَسبَاب: أَولهَا التنظير: لِأَن إِلْحَاق النظير بالنظير من شَأْن الْعُقَلَاء، وَذَلِكَ كَقَوْلِه تَعَالَى فِي الْآيَة الْخَامِسَة من سُورَة الْأَنْفَال: ﴿كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ﴾ عقب قَوْله فِي الْآيَة الرَّابِعَة مِنْهَا: ﴿أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا﴾ .. فَإِنَّهُ تَعَالَى أَمر رَسُوله (أَن يمضى فِي قسْمَة الْغَنَائِم على كُرهٍ من أَصْحَابه، كَمَا مضى فِي خُرُوجه من بَيته لطلب العير أَو الْقِتَال على كُرهٍ مِنْهُم، وَقد كَانَ فِي الْخُرُوج النصرُ وَالْغنيمَة، فَهَكَذَا يكون مَا فعله فِي الْقِسْمَة.. فليطيعوا مَا أمروا بِهِ، وليتركوا هوى أنفسهم. وَثَانِيها المضادَّة: كَقَوْلِه تَعَالَى فِي سُورَة الْبَقَرَة: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ﴾ (الْآيَة/٥)، فَإِن أول السُّورَة كَانَ حَدِيثا عَن الْقُرْآن، وَأَن من شَأْنه الْهِدَايَة للْقَوْم الموصوفين بِالْإِيمَان، فَلَمَّا أكمل وَصفهم، عقَّب بِحَدِيث الْكَافرين، فبينهما جامعٌ وهمي يُسمى بالتضاد، فَإِن قيل: هَذَا جَامع بعيد؛ لِأَن الحَدِيث عَن الْمُؤمنِينَ أَتَى بِالْعرضِ لَا بِالذَّاتِ، وَالْمَقْصُود بِالذَّاتِ إِنَّمَا هُوَ الحَدِيث عَن الْقُرْآن، فَالْجَوَاب: أَنه

1 / 90