مصابيح الدرر في تناسب آيات القرآن الكريم والسور
الناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
العدد١٢٩-السنة ٣٧
سنة النشر
١٤٢٥هـ
تصانيف
(دَلَائِل النظام) (١) .. وَقد ركز فِيهِ على توضيح أمرٍ مُهِمّ، وَهُوَ التَّفْرِقَة بَين (التناسب) و(النظام)، وَأَن مَا يعنيه من (النظام) لَيْسَ مُجَرّد تناسب، ... وَفِي ذَلِك يَقُول:
«قد صنف بعض الْعلمَاء فِي تناسب الْآي والسور، وَأما الْكَلَام فِي نظام الْقُرْآن، فَلم أطَّلع عَلَيْهِ، وَالْفرق بَينهمَا: أَن التناسب إِنَّمَا هُوَ جزءٌ من النظام، فَإِن التناسب بَين الْآيَات بَعْضهَا مَعَ بعض لَا يكْشف عَن كَون الْكَلَام شَيْئا وَاحِدًا مُسْتقِلّا بِنَفسِهِ، وطالب التناسب رُبمَا يقنع بمناسبة مَا، فَرُبمَا يغفُل عَن الْمُنَاسبَة الَّتِي يَنْتَظِم بهَا الْكَلَام فَيصير شَيْئا وَاحِدًا، وَرُبمَا يطْلب الْمُنَاسبَة بَين الْآيَات المتجاورة مَعَ عدم اتصالها، فَإِن الْآيَة التالية رُبمَا تكون مُتَّصِلَة بِالَّتِي قبلهَا على بُعدٍ مِنْهَا، وَلَوْلَا ذَلِك لما عجز الأذكياء عَن إِدْرَاك التناسب، فأنكروا بِهِ، فَإِن
(١) طبع الْكتاب طبعته الأولى - والوحيدة حَتَّى الْآن ﴿- بعد وَفَاة الفراهي، بعناية السَّيِّد بدر الدّين الإصلاحي مدير الدائرة الحميدية فِي عَام ١٣٨٨؟ - ١٩٦٨م، وَقد اجْتهد الإصلاحي فِي جمع أُصُوله من أوراق الشَّيْخ، فقد كَانَ أَوله فَقَط (من ١: ١٠) مُرَتبا، وَمَا عدا ذَلِك كَانَ موزَّعًا فِي صُورَة بطاقات وإشارات، فَقَامَ بجمعها وترتيبها حسب مَا رَآهُ مناسبًا لموضوع الْكتاب، وَلذَلِك فَإِن فِي كثير من الْمَوَاضِع مِنْهُ نقطًا متجاورة تُشِير إِلَى وجود بَيَاض بِالْأَصْلِ، حَيْثُ انْتهى قلم الشَّيْخ، وَقطع الْكِتَابَة لسَبَب أَو لآخر.. وَلذَلِك يَقُول السَّيِّد الإصلاحي فِي مقدمته: «.. فَلَا غرو إِن كَانَ فِيهِ شَيْء من الْإِجْمَال والإبهام.. فَلذَلِك يَنْبَغِي لمن درس هَذَا الْكتاب ألاَّ يمر عَلَيْهِ كَالرِّيحِ العاصف، أَو الْبَرْق الخاطف﴾ .. بل يقف على كل سطر مِنْهُ، ويتفكر فِيهِ.. عَسى أَن يجده فصلا مُسْتقِلّا» (ص ٦) .. وَهُوَ على حَالَته هَذِه عظيمُ النَّفْع، جليل الْقدر، حقيقٌ بِأَن يفتح آفاقًا جَدِيدَة من التَّأَمُّل والتدبر فِي كتاب الله الْعَزِيز، من شَأْنهَا - أعنى هَذِه الْآفَاق المشْرَعة - أَن تجدّد صلتنا بِهِ، وتعظم انتفاعنا مِنْهُ..
1 / 74