مصابيح الدرر في تناسب آيات القرآن الكريم والسور
الناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
العدد١٢٩-السنة ٣٧
سنة النشر
١٤٢٥هـ
تصانيف
المبْحثُ الثَّالث: تَارِيخ علم الْمُنَاسبَة
تنبَّه الشَّيْخ أَبُو الْفضل عبد الله بن الصّديق الغُماري ﵀ إِلَى التَّمْيِيز بَين نَوْعي علم الْمُنَاسبَة، وَهُوَ تمييزٌ جيد، يُفِيد فِي مجَال التأريخ لكتابته، ورصد المهتمين بِهِ.. قَالَ ﵀: «الْمُنَاسبَة علم شرِيف عَزِيز، قلَّ اعتناء الْمُفَسّرين بِهِ لدقته، واحتياجه إِلَى مزِيد فكر وَتَأمل. وَهُوَ نَوْعَانِ: أَحدهمَا: مُنَاسبَة الْآي بَعْضهَا لبَعض، بِحَيْثُ يظْهر ارتباطها وتناسقها كَأَنَّهَا جملَة وَاحِدَة. (...) وَثَانِيهمَا: مُنَاسبَة السُّور بَعْضهَا لبَعض» (١) .
وَلَعَلَّ أول من تكلم فِي علم الْمُنَاسبَة - على وَجه الْعُمُوم - هُوَ الشَّيْخ أبوبكر النَّيْسَابُورِي، كَمَا مرَّ مَعنا عِنْد كلامنا عَن المبادئ الْعشْرَة لهَذَا الْعلم.
وَأما بِالنّظرِ إِلَى نوعيه.. فَلَعَلَّ الْحَافِظ برهَان الدّين البقاعي هُوَ أهم - إِن لم يكن أول - من صنف فِي نَوعه الأول بشكل مُسْتَقل، وَذَلِكَ فِي كِتَابه الْمَشْهُور (نظم الدُّرَر فِي تناسب الْآيَات والسور) .. ونظرًا لأهمية البقاعي فِي هَذَا الْبَاب، فَسَوف أفرده بالْكلَام عِنْد الحَدِيث عَن أبرز أَعْلَام هَذَا الْعلم. ثمَّ جَاءَ الْحَافِظ السُّيُوطِيّ فصنف (قطف الأزهار فِي كشف الْأَسْرَار)، وَوَصفه بِأَنَّهُ «كتاب فِي أسرار التنْزيل، وَبِأَنَّهُ جَامع لمناسبات السُّور والآيات، مَعَ مَا تضمنه من بَيَان وُجُوه الإعجاز وأساليب البلاغة» .
وثمة كَلَام لِابْنِ الْعَرَبِيّ فِي كِتَابه (سراج المريدين) - نَقله عَنهُ الزَّرْكَشِيّ فِي
_________
(١) جَوَاهِر الْبَيَان فِي تناسب سور الْقُرْآن، السَّيِّد عبد الله بن الصّديق الغماري، مكتبة الْقَاهِرَة، ص ١٤، ١٦.
1 / 46