مصابيح الدرر في تناسب آيات القرآن الكريم والسور
الناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
العدد١٢٩-السنة ٣٧
سنة النشر
١٤٢٥هـ
تصانيف
مُقَدّمَة
...
تَقْدِيم
الْحَمد لله الَّذِي أنزل الْكتاب متناسبةً سوره وآياتُه، متشابهة فواصله وغاياتُه.
وَأشْهد أَلا إِلَه إِلَّا الله الَّذِي تمت كلماتُه، وعمَّت مكرماتُه.
وَأشْهد أَن سيدنَا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله ... الَّذِي ختمت بِهِ نبواته، وكملت برسالته رسالاتُه ... توالت عَلَيْهِ - وعَلى آله وَأَصْحَابه - صلواتُه، وتواتر تسليمُه وبركاتُه.
وَبعد..
فَإِن الْقُرْآن الْكَرِيم بلغ من ترابط أَجْزَائِهِ، وتماسك كَلِمَاته وجمله وآياته وسوره مبلغا فريدًا، لَا يدانيه فِيهِ أَي كَلَام آخر.
فألفاظ الْقُرْآن وآياته وسوره متعانقة متماسكة، آخذ بعضُها بأعناق بعض، فتراها سَلِسَةً رقيقَة عذبةً متجانسة، أَو فخمةً جزلةً متآلفة.
وعَلى الرغم من أَنه كَثْرَة متنوعة، إِلَّا أَن كَلِمَاته متآخية متجاوبة.. جرسًا وإيقاعًا ونغمًا.
وَهَذَا كُله مِمَّا جعله كتابا سويًا، يَأْخُذ بالأبصار، ويستحوذ على الْعُقُول والأفكار: ﴿قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ (الزمر/٢٨) ..
يعرف هَذَا الإحكام والترابط فِي الْقُرْآن كل من تمعن فِي التناسب الْوَاضِح فِيهِ، فَلَا تفكُّك وَلَا تخاذل ولاانحلال وَلَا تنافر. بَيْنَمَا الموضوعات مُخْتَلفَة متنوعة. فَمن تشريع، إِلَى عقائد إِلَى قصَص، إِلَى جدل، إِلَى وصف ... إِلَخ.
وَهَذَا التناسب هُوَ سر من الْأَسْرَار الدقيقة الَّتِي تتجلى بهَا عَظمَة الْقُرْآن الْكَرِيم وإعجازه، كَيفَ لَا وَالنَّبِيّ ﷺ يَقُول: "مَا من الْأَنْبِيَاء نَبِي إِلَّا أُعطي من
1 / 13