مرزبان نامه
الناشر
مؤسسة الانتشار العربي،بيروت - لبنان،عن طبعة حجرية في مطبعة أحمد أفندي الازمرلي في القاهرة ١٢٨٧ هـ
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٩٩٧ م
مكان النشر
١٨٥٨ م
فأداه اجتهاده أن يحصل شيئًا يظهر له به أحوال المظلومين من غير توقف على حجاب أو بواب أو أذن أو استئذان لما رأى عدم وصولهم إليه بسبب الحجاب فأداه اجتهاده أن يربط في شرافة قصره حبلًا مبرومًا من الحرير الأبيض إلى أن يصل إلى حلقة الباب البراني الذي يمر به عامة الناس وعلق فيه من الجلاجل والأجراس فإذا حرك الحبل صوتت وأذن بالندا بأن كل من له ظلامة ولا يقدر على الدخول على الملك يحرك ذلك الحبل واشتهر هذا العدل. ففي بعض الأيام كان كسرى راقدًا في بيته وإذا بالجلاجل والأجراس تصوت فاستيقظ كسرى وطلب المحرك لها فلم يجدوا إلا حمارًا كبيرًا مهزولًا قد حصل له حكة وهو يحك ذلك الحبل وليس عنده أحد فأحضره وطلب صاحبه فوجده طحانًا فسأله عنه وعن أسباب هزاله حتى تبين له أنه يكلفه من الحمل فوق طاقته ويستعمله في غير مقدرته ويقصر في حقه في العليق فأمر أن تزال ظلومته وأن ينادي أن كل من عنده دابة يفتقدها ولا يقصر في حقها.
وإنما أوردت هذا المثل ليعلم مولانا الملك أن تكون هذه الأمور دائمة غير منقطعة لتعتادها الأخلاق العلية والشمائل السنية والمراحم الملوكية والشيم المرضية فإنها إذا اعتادت بها انتقلت عن درجة التكليف وصارت سجية بكل معنى ظريف كما قال المغني لما دعي إلى عرس جاره قال المحتال: كيف كانت تلك الحكاية؟
قال الزكي: ذكروا أن شابًا قصد التزويج ودعا أصحابه وكان له جار مغني من أحسن الناس غناءً فتوجه قاصدًا لطلبه حتى يشغل الوقت فلما جاءه القاصد قال: قل لي من أرسلك صاحب العرس أم غيره؟ قال: غيره فامتنع من إتيان الدعوة فقيل له في ذلك فقال إذا كان بأمر صاحب العرس ورغبته كان غنائي مطربًا وكلامي
1 / 102