204

مرزبان نامه

الناشر

مؤسسة الانتشار العربي،بيروت - لبنان،عن طبعة حجرية في مطبعة أحمد أفندي الازمرلي في القاهرة ١٢٨٧ هـ

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٩٩٧ م

مكان النشر

١٨٥٨ م

شخص غريب فريد محتاج فقير لا إبريق ولا حصير أنشد يقول: من رآني فقد رأى عش بيتي ... أنا ذلك البيت أتيت كما أنا وقال أيضًا: أنا لولا الحياء وخوف العار ... لم أكن في النوم إلا عاري من رآني فقد رآني وبيتي ... ودثاري ومركبي وشعاري غير أن لي قرينة حقيرة وهي مثلي فقيرة مسكينة صابرة على السراء والضراء قضينا مقامًا مضرة من صباح ومساءً لم يترك لنا عقار الحوادث دارًا ولا يد العوايق عقالاص ولا عقارًا ولا مخلب العوابث ولدًا ولا قرارًا ولا ناب الكوارث جارًا ولا جوارًا، والويل كل الويل لمن كان مستقره من طوارق الدهر على طريق النيل ولما طال الكلام في ريت وريت وقضايا كيت وكيت ولم يبق في البيت سوى البيت وبلغ سيل العمر الربا وحزام الهم الصبا وما حال من رأى أولاده كبدة تتقطع وتعضعض ويشاهد كل وقت قرة عينه بمخالب الجوارح تتبعض ولا يد للرافعة تمتد ولا نهضة للمانعة تشتد سوى ما ينشد الحال ولسان المقال وقد قال: #كفى حزنًا أني أرى من أحبه=رهين الردى يرنو إليّ بطرفه أود بمالي لو يفدى ومهجتي=ولكن يد التقدير غلت لحتفه فتركنا تلك الديار للأضرار وعلى ساحتك الشريفة وقع الاختيار فنظرنا إلى التحويل بين الساعات واخترنا للرحيل أحسن الأوقات ثم لما ضمتنا المها والقفار وأسرى بنا الليل والنهار فكم زغنا عن أبي الحصين ولاقينا من الكرب والبلا ما لاقى بكربلا الحسين وكم نجانا من بني زهار إلى كهف واجم وغار واحترزنا من قنافذ وحيات ذوات سم نافذ ونفرنا من أفاعي إشراك وحدنا عن أوهان شباك واخترنا الجوع وعدم الهجوع على الحب المبذور لاصطياد الطيور

1 / 215