مرزبان نامه
الناشر
مؤسسة الانتشار العربي،بيروت - لبنان،عن طبعة حجرية في مطبعة أحمد أفندي الازمرلي في القاهرة ١٢٨٧ هـ
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٩٩٧ م
مكان النشر
١٨٥٨ م
أرقش ظمآن متى عض لفظ ... أمر من صبر ومر وخظظ
قد أثر في الحر الحرق ... واشتط في مكان وهو نائم طبق
فاستبشر الصياد لرؤيته ومديده لقبضه في عقصته فلم يفق الثعبان من رقدته إلا وهو في قبضته فما وسعه إلا أنه تماوت وامتد وتراعى حتى لم يتبق منه عرق مشتد فظن الصياد أنه مات وأن مراده منه قد فات فتحرق لذلك وتألم وحرق عليه الألم ورماه من يده فما استقر بالأرض حتى دار في كبده أن في بطنه خرزة ثمينة مشرقة بهية فاخرة مضيئة فأخرج الشفرة وقصده ومد لتقنيصه يده فلما تحقق الثعبان ما قصده ذلك الإنسان خدعه وختله ثم ضربه فقتله.
وإنما أوردت لك هذا المثل لتحقق أيها الجمل أن المبادرة إلى هلاك العدو أقر للعين وأحلب للهدو وبدون مين ومن فات الفرصة وقع في عصية، وهذا الأسد أن غفلنا عنه أكلنا وأبادنا قصد دمارنا وفسادنا ولا يفيدنا إذ ذاك الندم أنى وقد زلت القدم وتحكم في وجودنا من مخاليب العدم. قال الجمل: أعلم أيها الرفيق الشفيق والصديق الحقيق أن هذا الملك آوانا وأكرم مثوانا ولم نشاهد منه سوءًا ولا من ظلمة باطنة علينا ضوءًا ولو قصد أذانا ما وجدنا دافعًا ولا مانعًا ولا مدافعًا وقد علمنا أنه ترك الأذى تعففًا لا تخوفًا وتكرمًا ولا تكلفًا واختيارًا إلا اضطرارًا وجبرًا لكسرنا إلا إجبارًا وأما أنا علي الخصوصية فلم أر منه إلا الجميل والفضل الجزيل والإحسان الطويل العريض والإمتنان الهني العويض ولأي شيء أسرع في نفسي وأنيه على ما يكدرها في حدسي ولم يظهر لي من ذلك إمارة لا بدلالة ولا بإشارة فضلًا من سباق أو سياق أو كلام يدل على الفراق والشقاق وأني لو مت كمدًا قصدته بأذى أبدًا والصيومي ابن الوقت لا يتقيد بنكد ولا مقت فإن قصدني بعد
1 / 150