مرويات المزاح والدعابة عن النبي ﷺ والصحابة
الناشر
دار بلنسية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٤ هـ
مكان النشر
الرياض
تصانيف
الله ﷿ له بخاف على كل ذي لب، قال تعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [القلم: ٤]، وتع: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [التوبة: ١٢٨].
فمِن رأفته ورحمته: إيناسه لأصحابه ومباسطته إياهم، ومداعبته لهم لتقوى الآصِرَةُ بينه وبينهم، وليكون أنموذجًا لكمال الصحبة. فكان ذلك حتى أحبوه أشد من حبهم لأبنائهم وأموالهم بل ومن أنفسهم. فقبلوا قوله وفعله وأمره ونهيه وصدَّقُوه في كُلٍّ، ثم حملوا رسالته وانتهجوا نهجه في كل صغير وكبير فكانوا بذلك خير الناس، فإنه لما كَمُلَت بنبيهم القدوة، شرف به الاقتداء، ومع ذلك لم يحبسوا هذا الخير لأنفسهم، بل بلغوه من وراءهم، ولم يكتموا شيئًا، فقبل مَن بعدهم بلاغهم لأنهم «أي صحابته» أعلم الخلق بدين الله ﷿ بعد نبيهم ﷺ، وآمنهم على شرعه، فهم خير قرن، وخير صحب، وخير رعيل، فأخذوا الدين صافيًا فبلغوه كما أخذوه.
ثم أتت بعدهم قرون تترا منهم مَن سلك سبيلهم حذوا القذّة بالقذّة فوفِّق لكل خير؛ ومنهم مَن خالف هَديهم، فَتَشَعَّبَت به الطُّرُق. وما ذاك إلَّا بالخروج عن هدي النبي ﷺ وسنته ﴿جَزَاءً وِفَاقًا﴾ فعبد الله بما لم يشرع ودَعَوْا إليه بما لم يأذن به. فلم
1 / 9