وعليه: فلعل أقرب الأقوال وأعدلها بعد النظر في مجموع الأحاديث وسَبْر أقوال أهل العلم في فقهها أن يقال: أن النبي ﷺ كان في معظم أحواله لا يزيد على التبسم، ولا يعني ذلك عدم الضحك، بل ربما ضحك من غير استجماع له. والله أعلم.
ومع هذا فما كان مزاح النبي ﷺ إلا نُدْرَة وبحقٍ، كما في حديث أبي هريرة ﵁: «لا تكثروا من الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب».
ومثله حديث أبي هريرة ﵁ قال: «قالوا: يا رسول الله، إنك تداعبنا، قال: «إني لا أقول إلا حقا».
فالحديثان دالان على أن مزح النبي ﷺ وضحكه ما كانا إلا بحق على قِلَّتِهِمَا، وما أشد هذين الشرطين، ومن أجل ذلك قال الإمام الغزالي ﵀:
«إلا أنَّ مثله (أي: رسول الله ﷺ)، يقدر على أن يمزح ولا يقول إلا حقًّا، وأما غيره إذا فُتِحَ باب المزاح، كان غرضه أن يُضْحِكَ الناس كيفما كان».