مرهم العلل المعضلة في الرد على أئمة المعتزلة
محقق
محمود محمد محمود حسن نصار
الناشر
دار الجيل-لبنان
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
مكان النشر
بيروت
بإياس بن مُعَاوِيَة بن قُرَّة الإِمَام المشكور فَغَضب بعض جلساء الممدوح من كبراء دولته من تشبه إِيَّاه بِعَمْرو وحاتم فِي شجاعته وسماحته وَتكلم عَلَيْهِ فِي ذَلِك مُصَغرًا لَهُ لَهما جنبه ومنكرا بالتشبيه بِأَهْل الْكفْر الَّذِي لَا يحمد فَأَطْرَقَ أَبُو تَمام مفكرا فِي ذَلِك ثمَّ أنْشد
(لَا تعجبوا من ضربي لَهُ من دونه مثلا ... شرودا فِي الندى والباس)
(فَالله قد ضرب الْأَقَل لنوره ... مثلا من الْمشكاة والنبراس)
قلت يَعْنِي أَن الله تَعَالَى قد ضرب النُّور الْأَقَل مثلا لنوره الْعَظِيم الْأَجَل وَذَلِكَ قَوْله سُبْحَانَهُ ﴿الله نور السَّمَاوَات وَالْأَرْض مثل نوره كمشكاة فِيهَا مِصْبَاح﴾ الْآيَة
فَزَالَ الْغَضَب وتعجبوا من براعة فطنته واتقاد قريحته غَايَة الْعجب وسألوه عَن إطراقه وسكوته
فَذكر كلَاما مَعْنَاهُ أَنه فكر فِي شَاهد يشْهد لَهُ من كَلَام الْعَرَب فَلم يجده فَاسْتَفْتَحَ كَلَام الله فَوجدَ فِيهِ مَا طلب
قلت لما لحقته فِي ذَلِك الْمَلَامَة فكر فِي شَاهد يشْهد لكَلَامه بالاستقامة فالتمس ذَلِك فِي كَلَام الْعَرَب فَلم يحصل لَهُ فِيهِ إرب فارتحل بفكره وانتقل إِلَى كَلَام الله ﷿ وغاص فِي بَحر جَوَاهِر علومه على عجل فِي غوصه حَتَّى انْتهى إِلَى بَحر جَوَاهِر النُّور فاستخرج مِنْهُ جَوْهَرَة الشَّاهِد الْمَذْكُور
قلت وَالْكَلَام فِي هَذَا وأشباهه يطول ويخرجنا مِمَّا نَحن لَهُ قاصدون
فَلهَذَا اخْتَرْت الإضراب عَن ذكر شَيْء من المحاسن والآداب وحلم
1 / 93