مراقي العزة ومقومات السعادة
الناشر
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٤٣ هـ - ٢٠٢١ م
مكان النشر
الدمام - السعودية
تصانيف
وسألها الأسود بن يزيد ﵄: ماذا كان يصنع رسول الله ﷺ في بيته؟ قالت: «كان يكون في مِهنة أهله- تعني خدمة أهله- فإذا حضرتِ الصلاةُ خرج إلى الصلاة» (^١).
وقد قال ﷺ: «خيرُكم خيرُكم لأهله، وأنا خيركم لأهلي» (^٢).
ومن أوجب وأهم حقوق المعاشرة بالمعروف أن يسعى كلٌّ من الزوجين بكل ما استطاع إلى إعفاف الآخر وإشباع ميوله ورغبته الجنسية، والتودُّد والتحبُّب إليه بحُسن الخُلق، وطيب المَعشَر، ولين الحديث، وبالملاطفة والممازحة والملاعبة. وبظهور كلٍّ منهما أمام الآخر بأجمل صورة، وأزكى رائحة، وأنظف بدن، وأفضل ملبس، حتى ترى الزوجة في زوجها جمال يوسف بن يعقوب ﵉، وحتى يرى الزوج في زوجته جمال العَنقاء، أو كما يقال: «بنت المطر». فلا هي تبغي بزوجها بديلًا، ولا ترى في عالم الجمال سواه، ولا هو يبغي بزوجته بديلًا، ولا يرى في عالم الجمال سواها.
قال ﷺ لجابر بن عبد الله ﵁: «هلَّا بِكْرًا أو جاريةً تُلاعِبُها وتُلاعِبُك!» (^٣).
وقال ابن عباس ﵄: «إني أحب أن أتزين للمرأة، كما أحب أن تتزين لي المرأة؛ لأن الله يقول: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ (^٤) [البقرة: ٢٢٨]».
ومن أعظم التقصير من كلٍّ من الزوجين في حق الآخر البرود في هذا الجانب، والبلادة، بل الجفاء في معاملة أحدهما صاحبه، مما يؤدي في النهاية إلى نفور كلٍّ منهما من الآخر.
ويكون سببًا لكثير من مشكلات البيوت؛ بل سببًا للطلاق، وتفكك كثير من
_________
(^١) أخرجه البخاري في الأذان (٦٧٦)، والترمذي في صفة القيامة والرقائق والورع (٢٤٨٩)، وأحمد ٦/ ٤٩ (٢٤٢٢٦).
(^٢) أخرجه الترمذي في المناقب (٣٨٩٥)، والدارمي في النكاح ٢/ ٢١٢ (٢٢٦٠) من حديث عائشة ﵂. قال الترمذي: «حديث حسن غريب صحيح». وقال الألباني في «الصحيحة» (٢٨٥): «إسناده صحيح على شرط الشيخين». وأخرجه ابن ماجه في النكاح (١٩٧٧) من حديث ابن عباس ﵄.
(^٣) أخرجه البخاري في البيوع (٢٠٩٧)، ومسلم في الرضاع (٧١٥).
(^٤) أخرجه الطبري في «جامع البيان» ٤/ ١٢٠، وابن أبي حاتم في «تفسيره» ٢/ ٤١٧.
1 / 42