مراح لبيد لكشف معنى القرآن المجيد
محقق
محمد أمين الصناوي
الناشر
دار الكتب العلمية - بيروت
رقم الإصدار
الأولى - 1417 هـ
تصانيف
تلك اللذة طريقا حلالا وسبيلا مشروعا» . والقرض غير الدين، لأن القرض أن يقرض الإنسان دراهم أو دنانير، أو حبا أو تمرا أو ما أشبه ذلك، ويسترد مثله ولا يجوز فيه الأجل. والدين يجوز فيه ذلك فذكر الأجل في القرض إن كان لغرض المقرض أفسده وإلا فلا يفسده ولا يجب الوفاء به لكنه يستحب.
قال ابن عباس: إن هذه الآية نزلت في السلف لأن النبي صلى الله عليه وسلم قدم المدينة وهم يسلفون في التمر السنتين والثلاث فقال صلى الله عليه وسلم: «من أسلف فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم»
«1» .
وقال أكثر المفسرين: إن البياعات على أربعة أوجه:
أحدها: بيع العين بالعين وذلك ليس بمداينة ألبتة.
والثاني: بيع الدين بالدين. وهو باطل فلا يكون داخلا تحت هذه الآية.
وبيع العين بالدين: وهو إذا باع شيئا بثمن مؤجل.
وبيع الدين بالعين: وهو المسمى بالسلم وكلاهما داخلان تحت هذه الآية. وليكتب كتاب الدين بينكم أي بين الدائن والمديون كاتب بالعدل أي بحيث لا يزيد في المال والأجل ولا ينقص في ذلك ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله فليكتب أي ولا يمتنع أحد من أن يكتب كتاب الدين بين الدائن والمديون على طريقة ما علمه الله كتابة الوثائق فليكتب تلك الكتابة التي علمه الله إياها. وليملل الذي عليه الحق أي وليبين المديون للكاتب ما عليه من الدين لأنه المشهود عليه فلا بد أن يكون هو المقر وليتق الله ربه ولا يبخس منه شيئا أي وليخش المديون ربه بأن يقر بمبلغ المال الذي عليه ولا ينقص مما عليه من الدين شيئا في إلقاء الألفاظ على الكاتب فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه أي فإن كان المديون ناقص العقل مبذرا أو عاجزا عن سماع الألفاظ للكاتب لصغر أو كبر مضعف للعقل، أو لا يحسن الإسماع بنفسه على الكاتب- لخرس أو جهل باللغة أو بما عليه- فليقر على
صفحة ١٠٤