وقال بعض الفقهاء: العصر وسط ولكن ليس هي المذكورة في القرآن، فههنا صلاتان وسطيان الصبح والعصر، أحدهما ثبتت بالقرآن والأخرى بالسنة، كما أن الحرم حرمان حرم مكة بالقرآن، وحرم المدينة بالسنة. واختار جمع من العلماء أنها إحدى الصلوات الخمس لا بعينها فأبهمها الله تعالى تحريضا للعباد في المحافظة على أداء جميعها، كما أخفى ليلة القدر في شهر رمضان وأخفى ساعة إجابة الدعوة في يوم الجمعة، وأخفى اسمه الأعظم في جميع الأسماء ليحافظوا على جميعها، وأخفى وقت الموت في الأوقات ليكون المكلف خائفا من الموت في كل الأوقات فيكون آتيا بالتوبة في كل الأوقات. وقوموا لله في الصلاة قانتين (238) أي ذاكرين داعين مواظبين على خدمة الله تعالى فإن خفتم فرجالا أو ركبانا أي فإن خفتم من عدو وغيره فصلوا مشاة على أرجلكم بالإيماء في الركوع والسجود، أو راكبين على الدواب حيثما توجهتم. والخوف الذي يفيد هذه الرخصة، إما أن يكون في القتال أو في غير القتال. فالخوف في القتال: إما أن يكون في قتال واجب أو مباح فالقتال الواجب هو كالقتال مع الكفار وهو الأصل في صلاة الخوف ويلتحق به قتال أهل البغي. وكما إذا قصد الكافر نفسه فإنه يجب الدفع عنه لئلا يكون إخلالا بحق الإسلام. وقد جوز الشافعي أداء الصلاة حال المسايفة. والقتال المباح: هو أن يدفع الإنسان عن نفسه وعن كل حيوان محترم فيجوز في ذلك هذه الصلاة، أما إذا قصده إنسان بأخذ المال فالأصح أنه تجوز هذه الصلاة
لقوله صلى الله عليه وسلم: «من قتل دون ماله فهو شهيد»
«1» فالدفع عن المال كالدفع عن النفس.
وقيل: لا تجوز لأن حرمة الروح أعظم، والخوف الحاصل في غير القتال كالهارب من الحرق والغرق والسبع، والمطالب بالدين إذا كان معسرا خائفا من الحبس عاجزا عن بينة الإعسار فلهم أن يصلوا هذه الصلاة. فإذا أمنتم بزوال الخوف الذي هو سبب الرخصة فاذكروا الله أي فافعلوا الصلاة كما علمكم بقوله تعالى: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين لأن سبب الرخصة إذا زال عاد الوجوب فيه. والصلاة تسمى ذكرا كما في قوله تعالى: فاسعوا إلى ذكر الله [الجمعة: 9] ما لم تكونوا تعلمون (239) قبل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم ف «ما» مفعول لعلمكم إن جعلت «ما» الأولى مصدرية، أما إن جعلت موصولة فما هذه بدل من الأولى أو من العائد المحذوف والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج
صفحة ٨٥