طلوع الشمس وهذا كما اختاره الضحاك. واستغفروا الله باللسان مع التوبة بالقلب وهو أن يندم على كل تقصير منه في طاعة الله ويعزم على أن لا يقصر فيما بعد ويقصد بذلك تحصيل مرضاة الله تعالى إن الله غفور لذنوب المستغفر رحيم (199) أي منعم عليه فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم وكان العرب بعد الفراغ من الحج يقفون بمنى بين المسجد والجبل، فيبالغون في الثناء على آبائهم في ذكر مناقبهم وفضائلهم، فقال الله تعالى هذه الآية. فالمعنى فإذا فرغتم من عبادتكم المتعلقة بالحج كأن رميتم جمرة العقبة وطفتم واستقررتم بمنى فابذلوا جهدكم في الثناء على الله وذكر نعمائه كما بذلتم جهدكم في الثناء على آبائكم في الجاهلية. أو أشد ذكرا أي بل أكثر ذكرا من ذكر آبائكم لأن صفات الكمال لله تعالى غير متناهية فمن الناس أي المشركين أو المؤمنين من يقول في الموقف ربنا آتنا أي أعطنا في الدنيا إبلا وبقرا وغنما وعبيدا، أو إماء ومالا وما له في الآخرة من خلاق (200) أي من نصيب في الجنة بحجه.
ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة أي علما وعبادة وعصمة من الذنوب وشهادة وغنيمة وصحة، وكفافا وتوفيقا للخير وفي الآخرة حسنة أي جنة ونعيمها وقنا عذاب النار (201) أي ادفع عنا العذاب أولئك أي أهل هذه الصفة لهم نصيب أي حظ وافر في الجنة مما كسبوا أي من حجهم والله سريع الحساب (202) أي سريع القبول لدعاء عباده والإجابة لهم وعالم بجملة سؤالات السائلين. واذكروا الله أي بالتكبير والتهليل والتمجيد في أيام معدودات أي في أيام التشريق الثلاثة فمن تعجل برجوعه إلى أهله في يومين بعد يوم النحر فلا إثم عليه بتعجيله ومن تأخر إلى اليوم الثالث حتى رمى فيه قبل الزوال أو بعده فلا إثم عليه بتأخره فهم مخيرون في ذلك لمن اتقى أي ونفي الإثم لمن اتقى الله في حجه لأنه المتشفع بحجه دون من سواه واتقوا الله أي احذروا الإخلال بما ذكر من الأحكام واعلموا أنكم إليه تحشرون (203) أي للجزاء على أعمالكم بعد البعث. ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا أي ومن الناس يعظم في قلبك كلامه عند ما يتكلم لطلب مصالح الدنيا وهو الأخنس بن شريق الثقفي واسمه أبي كان منافقا حسن العلانية خبيث الباطن. ويشهد الله على ما في قلبه فإن الأخنس هذا أقبل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأظهر الإسلام وحلف بالله أنه يحبه ويتابعه في السر، ويحتمل أنه يقول فالله يشهد بأن الأمر كما قلت فهذا استشهاد بالله وليس بيمين. وقرأ ابن محيص يشهد الله بفتح الياء والهاء. والمعنى يعلم الله من قلبه خلاف ما أظهره وهو ألد الخصام (204) .
قال قتادة شديد القسوة في معصية الله جدل بالباطل عالم اللسان جاهل العمل. وقال السدي: أعوج الخصام. وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها أي وإذا انصرف من عندك اجتهد في إيقاع القتال بأن يوقع الاختلاف بين الناس ويفرق كلمتهم ويؤدي إلى أنه يتبرأ بعضهم
صفحة ٦٨