قال الشافعي: كل ما وجب على المحرم في ماله لا يجزئ إلا في الحرم لمساكين أهله إلا في نوعين:
أحدهما: من ساق هديا فعطب في طريقه فيذبحه ويخلي بينه وبين المساكين.
وثانيهما: دم المحصر بالعدو فإنه يذبح حيث حبس لأن هذا الدم إنما وجب لإزالة الخوف، وزوال الخوف إنما يحصل إذا قدر عليه حيث أحصر فمن كان منكم مريضا في بدنه محتاجا إلى المداواة واستعمال الطيب واللباس أو كان به أذى من رأسه أي ألم في رأسه بسبب القمل والصيبان أو بسبب الصداع، أو كان عنده خوف من حدوث مرض أو ألم واحتاج إلى الحلق أبيح له ذلك، بشرط بذل الفدية كما قال تعالى: ففدية أي فعليه فدية من صيام في ثلاثة أيام أو صدقة بثلاثة آصع من غالب قوت مكة على ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع أو نسك أي ذبح شاة فإذا أمنتم من العدو فمن تمتع بالعمرة إلى الحج أي فمن تلذذ بمحظورات الإحرام كالطيب واللباس والنساء بسبب إتيانه بالعمرة إلى الإحرام بالحج فما استيسر من الهدي أي فعليه ما تيسر من الدم للجبران بخمسة شروط:
الأول: أن يقدم العمرة على الحج.
الثاني: أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج.
الثالث: أن يحج في هذه السنة.
الرابع: أن لا يكون من حاضري المسجد الحرام.
الخامس: أن يحرم بالحج من جوف مكة بعد الفراغ من العمرة ووقت وجوب هذا الدم بعد ما أحرم بالحج، ويستحب أن يذبح يوم النحر ويجوز تقديم الذبح على الإحرام بالحج بعد الفراغ من العمرة، لأن دم التمتع عندنا دم جبران كسائر دماء الجبرانات. وعند أبي حنيفة هو دم نسك كدم الأضحية فيختص بيوم النحر فلا يجوز عنده الذبح قبله فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج أي فمن لم يجد الهدي لفقده أو فقد ثمنه فعليه صيام ثلاثة أيام في حال اشتغاله بإحرام الحج في أيام الاشتغال بأعمال الحج بعد الإحرام وقبل التحلل وسبعة إذا رجعتم إلى أهليكم ووطنكم مكة أو غيرها. وقرأ ابن أبي عبلة سبعة بالنصب عطفا على محل ثلاثة أيام تلك عشرة كاملة في البدل عن الهدي قائمة مقامه. ذلك أي لزوم الهدي وبدله على التمتع لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام وهو من كان من الحرم على مسافة القصر عند الشافعي، ومن كان مسكنه وراء الميقات عند أبي حنيفة وأهل الحل عند طاوس وغير أهل مكة عند مالك. واتقوا الله فيما
صفحة ٦٦