قال الشافعي: لا يعزل الرجل عن الحرة إلا بإذنها، ولا بأس أن يعزل عن الأمة، وقيل:
معنى ذلك ابتغوا هذه المباشرة من الزوجة والمملوكة فإن ذلك هو الذي كتب الله لكم أي قسم الله لكم وكلوا واشربوا من حين يدخل الليل حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود أي حتى يتبين لكم بياض النهار من سواد الليل حال كون الخيط الأبيض بعضا من الفجر الصادق وسمى الصبح الصادق فجرا لأنه يتفجر منه النور ثم أتموا الصيام إلى الليل أي إلى دخوله بغروب الشمس نزلت هذه الآية في شأن صرمة بن مالك بن عدي وذلك أنه كان يعمل في أرض له وهو صائم فلما أمسى رجع إلى أهله فقال: هل عندك طعام؟ فقالت: لا، وأخذت تصنع له طعاما فأخذه النوم من التعب فأيقظته فكره أن يأكل خوفا من الله فأصبح صائما مجهودا في عمله فلم ينتصف النهار حتى غشي عليه فلما أفاق أتى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره بما وقع فأنزل الله هذه الآية. ولا تباشروهن أي لا تجامعوهن ليلا ونهارا وأنتم عاكفون أي ماكثون في المساجد بنية الاعتكاف للتقرب إلى الله تعالى تلك أي المباشرة حدود الله أي معصية الله فلا تقربوها أي فلا تقربوا المعصية واتركوا مباشرة النساء ليلا ونهارا حتى تفرغوا من الاعتكاف كذلك أي هكذا يبين الله آياته أي أمره ونهيه للناس أو المعنى كما بين الله ما أمركم به ونهاكم عنه كذلك يبين سائر أدلته على دينه لعلهم يتقون (187) أي لكي يتقوا معصية الله نزلت هذه الآية في حق نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب، وعمار بن ياسر وغيرهما، فكانوا معتكفين في المسجد فيأتون إلى أهاليهم إذا احتاجوا، ويجامعون نساءهم، ويغتسلون فيرجعون إلى المسجد فنهاهم الله عن ذلك ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل أي لا يأخذ بعضكم مال بعض بالطريق الحرام شرعا وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم أي ولا تدخلوا بالأموال إلى الحكام لتأخذوا جملة من أموال الناس متلبسين بالإثم أي بالحلف الكاذب وأنتم تعلمون (188) أنكم مبطلون. فالإقدام على القبيح مع العلم بقبحه أقبح، وصاحبه بالتوبيخ أحق.
روي أن عبدان بن الأسوع الحضرمي ادعى على امرئ القيس الكندي قطعة أرض ولم يكن له بينة، فحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يحلف امرؤ القيس، فهم بالحلف. فقرأ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا [آل عمران: 77] الآية. فارتدع عن اليمين وأقر بالحق وسلم الأرض إلى عبدان فنزلت هذه الآية.
وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: اختصم رجلان إلى النبي صلى الله عليه وسلم عالم بالخصومة وجاهل بها، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم للعالم. فقال من قضي عليه: يا رسول الله والذي لا إله إلا هو إني محق، فقال: «إن شئت أعاوده» فعاوده، فقضى للعالم. فقال المقضي عليه مثل ما قال أولا.
صفحة ٦٣