هي روضة الحسن، ونضرة الشمس، وبدر الأرض، قد فرع عودها، وبرز نهداها، وترنح خصرها تحت الثوب الفضفاض الذي يخب فيه جسدها الفتي المتفجر أنوثة وحياة، كما استدار وجهها وأناره جبين مشرق كأنه الهلال الوليد يطل من الأفق على عينين سوداوين كأن أهدابها الطويلة الساجية غلائل ليل حالك السواد، لها ثغر عذب المراشف، وشفتان قانيتان كأنهما حول الثنايا الملتمعة جمرتان لا تخبو لها نار، وصدر عريض ناهد، وثدي نزق، كأنه في انطباعاته جذوة نار حامية، عيناها زرقاوان، وشعرها قد اختلطت فيه الفضة والذهب، وقوامها ممشوق، تمشي على خفر واستحياء.
هي فتاة بارعة الحسن، مليحة الدل، فينانة ريانة، وكانت إذا تقدمت ترنو وتبتسم وتتبرج وتهتز، وتشد هذا الثدي، وتثني هذه الذراع، وتميل برأسها الذي كله خدود، وعيون وأصداغ.
هي فتاة يزينها جمال فاتن، وطلعة مشرقة، هي شقراء أميل إلى الطول منها إلى القصر، معتدلة القد، خفيفة الروح والحركات، لها شعر ذهبي لماع، كأنه إكليل من نضار توجها به الجمال، وعينان زرقاوان فيهما السحر وفيهما الفتنة، وفيهما الوداعة وكرم الخلق وصفاء الضمير، لها جسم بض كأنه البلور المذاب، يكاد لصفائه تنعكس عليه الأشباح والصور.
هي فتاة وجهها جميل كالأماني، رقيق كأوراق الورد، مشرق كالضحى، وشعرها أسود ناعم، وأنفاسها كمطر تشتاقه الروح، وصوت كنغم من السماء، وبسمة يخشع لها القلب، نظراتها كوتر الجيتار الناعم الحنون، وصوتها كاللحن الهادئ الذي ينساب في خفوت، ساقها ملتفة عبلة، وجسمها ممشوق سمهري، وثديها مثمر يتحلب نعيما.
كأنها البدر المنير في حسنها وجمالها، وقدها واعتدالها، لها أعين تصيد قلوب العاشقين، وحاجبان مقرونان، ومبسم لطيف، وقد أهيف ظريف، وخصر نحيف وأسنان كاللؤلؤ والمرجان، وفم مثل خاتم سليمان، إذا رأيتها ملكت فؤادك وأسرت قلبك وقيادك، وأصبحت قتيل هواها، ولا عدت تطلب من الدنيا سواها.
كانت فتاة ماكرة، غزلة لعوبا، تعرف كيف تأسر في ثقة وتجذب في سكينة، وتفتن في صمت، وتستميل في إغراء هادئ مطمئن عميق لا يكشف سرها ولا يميط اللثام أبدا عن حقيقة شخصيتها.
كانت لغزا أنثويا حيا ممثلا في قامة مشوقة، وشعر أسود مجعد، وعينين واسعتين متقدتين، ونظرات ناعسة حادة تقترن فيها العذوبة والرقة بالإباء والغطرسة والشموخ.
امرأة تناثرت الدموع من عينها كما يتناثر اللؤلؤ من عقد انفصم سمطه، فكان منظرها من أعظم المناظر وأشهاها، وأظرفها وأحلاها.
كانت شفتاها كزورق وحيد تائه على صفحة الماء بين أوراق الأشجار الجافة المتساقطة، أما قوامها فكشعاع القمر عندما يتسلل من خلال أغصان الأشجار، لها وجه كالبدر في كامل استدارته، وأهداب كظلال الخلد كحيلة سوداء، وجيد مهتز ناضج، وفم شتيت حلو أودعت فيه السماء أسرارها، وصبغته عرائس الفنون بحمرة القبل، فهو دائما يبتسم، وكل ابتسامة منه تحيي وتميت.
إنها تتمايل تمايل الأغصان إذا حركها النسيم، بقدود مائسات، وعيون ناعسات، كأنها أشبه بالبدر المنير بين النجوم السواطع، لا يبدو وجهها إلا مليحا صبوحا واضحا، لا تعبس أبدا، وقد تبتسم.
صفحة غير معروفة