[chapter 1] كتاب أرسطوطالس المسمى «قاطيغوريا»، أى «المقولات»
〈المتفقة والمتواطئة والمشتقة〉
«المتفقة أسماؤها» — يقال إنها التى الاسم فقط عام لها، فأما قول الجوهر الذى بحسب الاسم، فمخالف. ومثال ذلك: الإنسان، والمصور — حيوان ؛فإن هذين الاسم فقط عام لها، فأما قول الجوهر الذى بحسب الاسم فمخالف؛ وذلك أن موفيا إن وفى فى كل واحد منهما ما معنى أنه حيوان، كان القول الذى يوفى فى كل واحد منهما خاصا له.
و«المتواطئة أسماؤها» — يقال إنها التى الاسم عام لها، وقول الجوهر الذى بحسب الاسم واحد بعينه أيضا. ومثال ذلك: الإنسان، والثور — حيوان ؛وقول الجوهر واحد بعينه أيضا، وذلك أن موفيا إن وفى فى كل واحد منها ما معنى أنه حيوان، كان القول الذى يوفى واحدا بعينه.
و«المشتقة أسماؤها» — يقال إنها التى لها لقب شىء بحسب اسمه، غير أنها مخالفة فى التصريف، ومثال ذلك: الفصيح — من الفصاحة، والشجاع — من الشجاعة.
صفحة ٣
[chapter 2] 〈الاقوال المختلفة〉
التى تقال: منها ما تقال بتأليف، ومنها ما تقال بغير تأليف. فالتى تقال بتأليف كقولك: الإنسان يحضر، الثور يغلب، والتى تقال بغير تأليف كقولك: الإنسان، الثور، يحضر، يغلب.
صفحة ٤
الموجودات: منها ما تقال على موضوع ما وليست ألبتة فى موضوع ما كقولك: «الإنسان»: فقد يقال على إنسان ما وليس هو ألبتة فى موضوع ما. ومنها ماهى فى موضوع وليست تقال أصلا على موضوع ما (وأعنى بقولى: «فى موضوع»، الموجود فى شىء لا كجزء منه، وليس يمكن أن يكون قوامه من غير الذى هو فيه): ومثال ذلك:» نحو ما»، فإنه فى موضوع، أى فى النفس، 〈وليس〉 يقال أصلا على موضوع ما؛ و«بياض ما» هو فى موضوع، أى فى الجسم (إذ كان كل لون فى جسم)، وليس يقال ألبتة على موضوع ما. ومنها ما تقال على موضوع وهى أيضا فى موضوع. ومثال ذلك: «العلم»، فإنه فى موضوع، أى فى النفس، ويقال على موضوع أى على الكتابة. ومنها ما ليست هى فى موضوع، ولا تقال على موضوع، ومثال ذلك: «إنسان ما» أو «فرس ما»، فإنه ليس شىء من ذلك وما جرى مجراه لا فى موضوع، ولا يقال على موضوع . — وبالجملة، الأشخاص والواحد بالعدد لا يقال على موضوع أصلا. فأما فى موضوع، فليس مانع يمنع أن يكون بعضها موجودا فيه، فإن «كتابة» هى من التى فى موضوع، أى فى النفس، وليست تقال على موضوع أصلا.
[chapter 3] 〈محمول المحمول. — الأجناس والأنواع〉
متى حمل شىء على شىء حمل المحمول على الموضوع، قيل كل ما يقال على المحمول على الموضوع أيضا. مثال ذلك: أن الإنسان يحمل على إنسان ما، ويحمل على الإنسان الحيوان، فيجب أن يكون الحيوان على إنسان ما أيضا محمولا، فإن إنسانا ما هو إنسان وهو حيوان.
الأجناس المختلفة التى ليس بعضها مرتبا تحت بعض، فإن فصولها أيضا فى النوع مختلفة، من ذلك أن فصول الحيوان كقولك: المشاء، والطير، وذو الرجلين، والسابح؛ وفصول العلم ليست أشياء من هذه، فإنه ليس يخالف علم علما بأنه ذو رجلين. — فأما الأجناس التى بعضها تحت بعض، فليس مانع يمنع من أن يكون فصول بعضها فصول بعض بأعيانها، فإن الفصول التى هى أعلى تحمل على الأجناس التى تحتها حتى تكون جميع فصول الجنس المحمول هى بأعيانها فصول الجنس الموضوع.
صفحة ٥
[chapter 4] 〈المقولات〉
كل واحد من التى تقال بغير تأليف أصلا، فقد يدل إما على «جوهر» وإما على «كم»، وإما على «كيف»، وإما على «إضافة»، وإما على «أين»، وإما على «متى»، وإما على «موضوع»، وإما على «أن يكون له»، وإما على «يفعل»، وإما على «ينفعل». فالجوهر على طريق المثال كقولك: إنسان، فرس. والكم كقولك: ذو ذراعين، ذو ثلاث أذرع. والكيف كقولك: أبيض، كاتب. والإضافة كقولك: ضعف، نصف. وأين كقولك: فى لوقين، فى السوق. ومتى كقولك: أمس، عاما أول. وموضوع كقولك: متكىء، جالسا. وأن يكون له كقولك: متنعل، مسلح. ويفعل كقولك: يقطع، يحرق. وينفعل: ينقطع، يحترق.
وكل واحد من هذه التى ذكرت إذا قيل 〈قيل〉 مفردا على حياله، فلم يقل بإيجاب ولا سلب أصلا. لكن بتأليف بعض هذه إلى بعض تحدث الموجبة والسالبة. وإن كل موجبة أو سالبة يظن أنها إما صادقة، وإما كاذبة. والتى تقال بغير تأليف أصلا فليس منها شىء صادقا ولا كاذبا، ومثال ذلك: أبيض، يحضر، يظفر.
صفحة ٦
[chapter 5] فى الجوهر
فأما الجوهر الموصوف بأنه أول بالتحقيق والتقديم والتفضيل فهو الذى لا يقال على موضوع ما، ولا هو فى موضوع ما. ومثال ذلك: إنسان ما، وفرس ما. فأما الموصوفة بأنها جواهر ثوان فهى الأنواع التى فيها توجد الجواهر الموصوفة بأنها أول. ومع هذه الأجناس هذه الأنواع أيضا. ومثال ذلك أن إنسانا ما هو فى نوع، أى فى الإنسان؛ وجنس هذا النوع الحى. فهذه الجواهر توصف بأنها ثوان كالإنسان والحى. — وظاهر مما قيل أن التى تقال على موضوع فقد يجب ضرورة أن يحمل اسمها، وقولها يقال على ذلك الموضوع. ومثال ذلك أن الإنسان يقال على موضوع أى على إنسان ما، فاسمه يحمل عليه، فإنك تحمل الإنسان على إنسان ما، وقول الإنسان يحمل على إنسان ما. فإن إنسانا ما هو إنسان، وهو حى، فيكون الاسم والقول يحملان على الموضوع. فأما التى فى موضوع ففى أكثرها لا يحمل على الموضوع، لا اسمها ولا حدها، وفى بعضها ليس مانع يمنع من أن يحمل اسمها على الموضوع؛ فأما قولها فلا يمكن. مثال ذلك: أن الأبيض هو فى موضوع، أى فى الجسم، وهو يحمل على الموضوع؛ وذلك أن الجسم قد يوصف بأنه أبيض. فأما قول الأبيض فليس يحمل فى حال من الأحوال على الجسم.
صفحة ٧
وكل ما سواها فإما أن يكون على موضوعات، أى يقال على الجواهر الأول؛ وإما أن يكون فى موضوعات، أى يقال فيها، وذلك ظاهر من قبل التصفح للجزئيات: مثال ذلك أن الحى يحمل على الإنسان، فهو أيضا على إنسان ما. فإنه إن لم يكن ولا على واحد من أشخاص الناس فليس هو ولا على إنسان أصلا؛ وأيضا إن اللون فى الجسم، فهو أيضا فى جسم ما، فإنه إن لم يكن فى واحد من الجزئية فليس هو ولا فى الجسم أصلا.
فيجب أن يكون كل ما سواها إما أن يكون على موضوعات، أى يقال على الجواهر الأول؛ وإما أن يكون فى موضوعات، أى يقال فيها. فيجب إذا إن لم يكن الجواهر الأول ألا يكون سبيل إلى أن يوجد شىء من تلك الأخر. وذلك أن كل ما سواها فإما أن يكون على موضوعات، أى يقال عليها؛ وإما فى موضوعات، أى فيها.
صفحة ٨
والنوع — من الجواهر الثانية — أولى بأن يوصف جوهرا من الجنس، لأنه أقرب من الجوهر الأول. وذلك أن موفيا إن وفى الجوهرالأول ما هو كان إعطاؤه النوع أشد ملاءمة وأبين فى الدلالة عليه من إعطائه الجنس. مثال ذلك أنه إن وفى إنسانا ما ما هو، كان إعطاؤه أنه إنسان أبين فى الدلالة عليه من إعطائه أنه حى، فإن ذلك أخص بإنسان ما، وهذا أعم؛ وإن وفى شجرة ما ما هى، كان إعطاؤه أنها شجرة أبين فى الدلالة عليها من إعطائه أنها نبت. وأيضا فإن الجواهر الأول لما كانت موضوعة لسائر الأمور كلها، وسائر الأمور كلها محمولة عليها أو موجودة فيها، فلذلك صارت أولى وأحق بأن توصف جواهر. وقياس الجواهر الأول عند سائر الأمور كلها هو قياس النوع عند الجنس، إذ كان النوع موضوعا للجنس، لأن الأجناس تحمل على الأنواع، وليس تنعكس الأنواع على الأجناس، فيجب من ذلك أيضا أن النوع أولى وأحق بأن يوصف جوهرا من الجنس.
صفحة ٩
وأما ما كان من الأنواع ليس هو جنسا، فليس الواحد منها أولى من الآخر بأن يوصف جوهرا، إذ كان ليس توفيتك فى إنسان ما أنه إنسان أشد ملائمة من توفيتك فى فرس ما أنه فرس. وكذلك ليس الواحد من الجواهر الأول أولى من الآخر بأن يوصف جوهرا، إذ كان ليس إنسان ما أولى بأن يوصف جوهرا من فرس ما. وبالواجب صارت الأنواع والأجناس وحدها دون غيرها تقال بعد الجوهر الأول جواهر ثوانى، لأنها وحدها تدل على الجواهر الأول من بين ما تحمل عليه؛ فإن موفيا إن وفى إنسانا ما ما هو، فوفاه بنوعه أو بجنسه كانت توفيته له ملائمة؛ وإذا وفاه بأنه إنسان كان ذلك أبين فى الدلالة عليه من توفيته له بأنه حى؛ وإن وفاه بشىء مما سوى ذلك أى شىء كان، كانت توفيته له غريبة مستنكرة: كما إذا وفى بأنه أبيض أو أنه يحضر أو شىء من أشباه ذلك أى شىء كان. فبالواجب قيلت هذه دون غيرها جواهر. وأيضا لأن الجواهر الأول موضوعة لسائر الأمور كلها، وسائر الأمور كلها محمولة عليها، أو موجودة فيها، لذلك صارت أولى وأحق بأن توصف جواهر. وقياس الجواهر الأول عند سائر الأمور هو قياس أنواع الجواهر الأول وأجناسها عند سائر الأمور الأخر كلها، وذلك أن سائر الأمور كلها على هذه تحمل: فإنك تقول فى إنسان ما إنه نحوى، فأنت إذا تقول: «نحويا» على الإنسان وعلى الحى؛ وكذلك تجرى الأمور فى سائر ما أشبهه.
صفحة ١٠
وقد يعم كل جوهر أنه ليس فى موضوع، فإن الجوهر الأول ليس يقال على موضوع، ولا هو فى موضوع. والجواهر الثوانى قد يظهر بهذا الوجه أنه ليس شىء منها فى موضوع. فإن الإنسان يقال على موضوع، أى على إنسان ما، وليس هو فى موضوع، أى فيه. وذلك أن الإنسان ليس هو فى إنسان ما؛ وكذلك أيضا الحى يقال على موضوع، أى على إنسان ما، وليس الحى فى إنسان ما. وأيضا التى فى موضوع، فليس مانع يمنع من أن يكون اسمها فى حال من الأحوال يحمل على موضوع. وأما قولها فلا سبيل إلى أن يحمل عليه. فأما الجواهر الثوانى فإنه يحمل على الموضوع قولها واسمها، فإنك تحمل على إنسان ما قول الإنسان وقول الحى. فيجب من ذلك أن الجوهر ليس هو مما فى موضوع، إلا أن هذا ليس بخاصة للجوهر، لكن الفصل أيضا هو مما ليس فى موضوع، فإن الماشى وذا الرجلين يقالان على موضوع، أى على الإنسان؛ وليسا فى موضوع، وذلك أن ذا الرجلين ليس هو فى الإنسان، ولا الماشى. وقول الفصل أيضا محمول على الذى يقال عليه الفصل، مثال ذلك أن المشاء إن كان يقال على الإنسان فإن قول «المشاء» محمول على الإنسان ، وذلك أن الإنسان مشاء — ولا تغلطنا أجزاء الجواهر فتوهمنا أنها موجودة فى موضوعات، أى فى كلياتها، حتى يضطرنا الأمر إلى أن نقول إنها ليست جواهر، لأنه لم يكن قول ما يقال فى موضوع على هذا الطريق على أنه فى شىء كجزء منه.
ومما يوجد للجواهر وللفصول أن جميع ما يقال منهما إنما يقال على طريق المتواطئة أسماؤها، فإن كل حمل يكون منهما فهو إما أن يحمل على الأشخاص، وإما على الأنواع؛ فإنه ليس من الجواهر الأول حمل أصلا، اذ كان ليس يقال على موضوع ما ألبتة. فأما 〈فى〉 الجواهر الثوانى فالنوع يحمل على الشخص، والجنس على النوع وعلى الشخص. وكذلك الفصول تحمل على الأنواع وعلى الأشخاص. والجواهر الأول تقبل قول أنواعها وأجناسها، والنوع يقبل قول جنسه، إذ كان كل ما قيل على المحمول فإنه يقال أيضا على الموضوع؛ وكذلك تقبل الأنواع والأشخاص قول فصولها أيضا. وقد كانت المتواطئة أسماؤها هى التى الاسم عام لها والقول واحد بعينه أيضا؛ فيجب أن يكون جميع ما يقال من الجواهر ومن الفصول فإنما يقال على طريق المتواطئة أسماؤها.
صفحة ١١
وقد يظن بكل جوهر أنه يدل على مقصود إليه بالإشارة. فأما الجواهر الأول فبالحق الذى لا مرية فيه أنها تدل على مقصود إليه بالإشارة، لأن ما يستدل عليه منها شخص واحد بالعدد. وأما الجواهر الثوانى فقد يوهم اشتباه شكل اللقب منها أنها تدل على مقصود إليه بالإشارة كقولك: الإنسان الحيوان — وليس ذلك حقا، بل الأولى أنها تدل على أى شىء، لأن الموضوع ليس بواحد كالجوهر الأول، لكن الإنسان يقال على كثير، و〈كذلك〉 الحيوان — إلا أنها ليست تدل على أى شىء على الإطلاق بمنزلة الأبيض، فإن الأبيض ليس يدل على شىء غير أى شىء. فأما النوع والجنس فإنهما يقرران أى شىء فى الجوهر؛ وذلك أنهما إنما يدلان على جوهر ثان ما. إلا أن الإقرار بالجنس يكون أكثر حصرا من الإقرار بالنوع، فإن القائل: «حيوان» قد جمع بقوله أكثر مما يجمع القائل: «إنسان».
ومما للجواهر أيضا أنه لا مضاد لها. فماذا يضاد الجوهر الأول، كإنسان ما! فإنه لا مضاد له؛ ولا للإنسان أيضا، ولا للحيوان مضاد. إلا أن ذلك ليس خاصا بالجوهر، لكنه فى أشياء أيضا كثيرة غيره، مثال ذلك فى الكم: فإنه ليس لذى الذراعين مضاد، ولا للعشرة، ولا لشىء مما يجرى هذا المجرى، إلا أن يقول قائل: إن القليل ضد الكثير، أو الكبير ضد الصغير، لكن الكم المنفصل لا مضاد له.
صفحة ١٢
وقد يظن بالجوهر أنه لا يقبل الأكثر والأقل. ولست أقول إنه ليس جوهر بأكثر من جوهر فى أنه جوهر، (فإن ذلك شىء قد قلنا به) لكنى أقول: إن ما هو فى جوهر جوهر ليس يقال أكثر ولا أقل: مثال ذلك أن هذا الجوهر إن كان إنسانا فليس يكون إنسانا أكثر ولا أقل، ولا إذا قيس بنفسه، ولا إذا قيس بغيره؛ فإنه ليس أحد من الناس إنسانا بأكثر من إنسان غيره، كما أن الأبيض أبيض بأكثر مما غيره أبيض، والخير خير بأكثر مما غيره خير. كما أن الشىء إذا قيس بنفسه أيضا قيل إنه أكثر وأقل، مثال ذلك أن الجسم إذا كان أبيض فقد يقال إنه فى هذا الوقت أبيض بأكثر مما كان قبل، وإذا كان حارا فقد يقال إنه حار بأكثر مما كان أو أقل؛ فأما الجوهر فليس يقال أكثر ولا أقل: فإنه ليس يقال فى الإنسان إنه فى هذا الوقت إنسان بأكثر مما كان فيما تقدم ولا فى غيره من سائر الجواهر. فيكون الجوهر لا يقبل الأكثر والأقل.
صفحة ١٣
وقد يظن أن أولى الخواص بالجوهر أن الواحد منه بالعدد هو بعينه قابل للمتضادات، والدليل على ذلك أنه لن يقدر أحد أن يأتى بشىء مما ليس هو جوهرا، الواحد منه بالعدد هو بعينه قابل للمتضادات، مثال ذلك أن اللون الواحد بالعدد هو بعينه لن يكون أبيض وأسود، والفعل الواحد بالعدد هو بعينه يكون مذموما أو محمودا، وكذلك نحو الأمر فى سائر الأشياء مما ليس بجوهر. فأما الجوهر فإن الواحد منه بالعدد هو بعينه قابل للمتضادات ، مثال ذلك: «إنسان ما»، فإن هذا الواحد هو بعينه يكون أبيض حينا وأسود حينا، وحارا وباردا، وطالحا وصالحا. ولن يوجد ما يجرى هذا المجرى فى شىء مما سوى الجوهر أصلا اللهم إلا أن يرد ذلك راد بأن يقول: إن القول والظن مما يجرى هذا المجرى، لأن القول بعينه مظنون صدقا وكذبا، مثال ذلك أن القول إن صدق فى جلوس جالس فإنه بعينه يكذب إذا قام؛ وكذلك القول فى الظن، فإن الظان إن صدق فى جلوس جالس كذب إذا قام متى كان ظنه به ذلك الظن بعينه. فتقول: إن الإنسان — وإن اعترف بذلك — فإن بين الجهتين اختلافا، وذلك أن الأشياء فى الجواهر إنما هى قابلة للمتضادات بأن تتغير أنفسها، لأن الشىء إذا كان حارا فصار باردا فقد تغير؛ وإذا كان أبيض فصار أسود، إذا كان مذموما فصار محمودا، وكذلك فى سائر الأشياء: كل واحد منها قابل للمتضادات بأن يقبل بنفسه التغير. فأما القول والظن فإنهما ثابتان غير زائلين لا بنحو من الأنحاء ولا بوجه من الوجوه، وإنما يحدث المضاد فيهما بزوال الأمر، فإن القول فى جلوس جالس ثابت بحاله، وإنما يصير صادقا حينا وكاذبا حينا بزوال الأمر. وكذلك القول فى الظن أيضا. فلتكن الجهة التى تخص الجوهر أنه قابل للمتضادات بتغيره 〈فى〉 نفسه. هذا إن اعترف الإنسان بذلك، أعنى أن الظن والقول قابلان للمتضادات. إلا أن ذلك ليس بحق، لأن القول والظن ليس إنما يقال فيهما إنهما قابلان للأضداد من طريق أنهما فى أنفسهما يقبلان شيئا، 〈لكن〉 من طريق أن حادثا يحدث فى شىء غيرهما، وذلك أن القول إنما يقال فيه إنه صادق أو إنه كاذب من طريق أن الأمر موجود أو غير موجود، لا من طريق أنه نفسه قابل للأضداد، فإن القول بالجملة لا يقبل الزوال من شىء أصلا، ولا الظن. فيجب ألا يكونا قابلين للأضداد، إذ كان ليس يحدث فيهما ضد أصلا، فأما الجوهر فيقال فيه إنه قابل للأضداد من طريق أنه نفسه قابل للأضداد، وذلك أنه يقبل المرض والصحة والبياض والسواد. وإنما يقال فيه إنه قابل للأضداد من طريق أنه هو نفسه يقبل كل واحد من هذه وما يجرى مجراها. فيجب من ذلك أن تكون خاصة الجوهر أن الواحد منه بالعدد هو بعينه قابل للمتضادات بتغيره فى نفسه. فهذا، فليكن مبلغ ما نقوله فى الجوهر؛ وقد ينبغى الآن أن نتبع ذلك بالقول فى الكم.
[chapter 6] فى الكم
وأما الكم فمنه منفصل، ومنه متصل. وأيضا منه ما هو قائم من أجزاء فيه لها وضع بعضها عند بعض، ومنه من أجزاء ليس لها وضع. فالمنفصل مثلا هو: العدد والقول؛ والمتصل: الخط، والبسيط، والجسم، وأيضا مما يطيف بهذه الزمان والمكان.
صفحة ١٥
فإن أجزاء العدد لا يوجد لها حد مشترك أصلا يلتئم عنده بعض أجزائه ببعض، مثال ذلك أن الخمسة — إذ هى جزء من العشرة — فليس تتصل بحد مشترك الخمسة بالخمسة، لكنها منفصلة. والثلاثة والسبعة أيضا ليس يتصلان بحد مشترك. وبالجملة، لست تقدر فى الأعداد على أخذ حد مشترك بين أجزائها، لكنها دائما منفصلة، فيكون العدد من المنفصلة. وكذلك أيضا «القول» هو من المنفصلة: فأما أن القول كم فظاهر، لأنه يقدر بمقطع ممدود أو مقصور؛ وإنما أعنى ذلك القول الذى يخرج بالصوت؛ وأجزاؤه ليست تتصل بحد مشترك، وذلك أنه لا يوجد حد مشترك تتصل به المقاطع، لكن كل مقطع منفصل على حياله.
فأما الخط فمتصل، لأنه قد يتهيأ أن يؤخذ حد مشترك تتصل به أجزاؤه: كالنقطة؛ وفى البسيط الخط، فإن أجزاء السطح قد تتصل بحد ما مشترك، وكذلك أيضا فى الجسم قد تقدر أن تأخذ حدا مشتركا وهو الخط أو البسيط، تتصل به أجزاء الجسم — ومما يجرى هذا المجرى أيضا الزمان والمكان. فإن العرض من الزمان يصل ما بين الماضى منه وبين المستأنف. والمكان أيضا من المتصلة، لأن أجزاء الجسم تشغل مكانا، وهى تتصل بحد ما مشترك، فتكون أجزاء المكان أيضا التى يشغلها واحد واحد من أجزاء الجسم تتصل بالحد بعينه الذى به تتصل أجزاء الجسم؛ فيجب أن يكون المكان أيضا متصلا، إذ كانت أجزاؤه تتصل بحد واحد مشترك.
صفحة ١٦
وأيضا منه ما هو قائم من أجزاء فيه، لها وضع بعضها عند بعص ومنه من أجزاء ليس لها وضع. مثال ذلك أن أجزاء الخط لها وضع بعضها عند بعض، لأن كل واحد منها موضوع بحيث هو. وقد يمكنك أن تدل وترشد أين كل واحد منها موضوع فى السطح، وبأى جزء من سائر الأجزاء يتصل. وكذلك أيضا أجزاء السطح لها وضع ما، وذلك أنه قد يمكن على هذا المثال فى كل واحد منها أن تدل عليه أين هو موضوع، وأى الأجزاء يصل ما بينها، وكذلك أجزاء المصمت وأجزاء المكان. — وأما العدد فلن يقدر أحد أن يرى فيه أن أجزاءه لها وضع ما بعضها عند بعض، ولا أنها موضوعة بحيث ما، ولا أن أجزاءا ما من أجزائه يتصل بعضها ببعض. ولا أجزاء الزمان، فإنه لا ثبات لشىء من أجزاء الزمان؛ وما لم يكن ثابتا، فلا سبيل إلى أن يكون له وضع ما، بل الأولى أن يقال إن لها ترتيبا ما، لأن بعض الزمان متقدم، وبعضه متأخر؛ وكذلك العدد، لأن الواحد فى العد قبل الاثنين، والاثنين قبل الثلاثة، فيكون بذلك ترتيب ما. فأما وضعا فتكاد ألا تقدر أن تأخذ لها. والقول أيضا كذلك، لأنه لا ثبات لشىء من أجزائه؛ فإنه إذا نطق به مضى فلم يكن إلى أخذه فيما بعد سبيل؛ فيجب ألا يكون لأجزائه وضع، إذ كان لا ثبات لشىء منها. فمنه إذن ما يقوم من أجزاء لها وضع، ومنه من أجزاء ليس لها وضع.
صفحة ١٧
فهذه فقط التى ذكرت يقال لها بالتحقيق «كم»؛ وأما كل ماسواه فبالعرض يقال ذلك فيها. فإنا إنما نقول فيما سوى هذه إنها كم ونحن نقصد قصد هذه، مثال ذلك: أنا نقول فى البياض إنه ماد كثير؛ وإنما نشير إلى أن البسيط كثير؛ ونقول فى العمل إنه طويل، وإنما نشير إلى أن زمانه طويل؛ ونقول أيضا فى الحركة إنها كثيرة؛ — فإن كل واحد من هذه ليس يقال له كم بذاته. والمثال فى ذلك أن موفيا إن وفى: لم هذا العمل؟ فإنما يحده بالزمان، فيقول: عمل سنة أو ما أشبه ذلك؛ وإن وفى: كم هذا الأبيض؟ فإنما يحده بالبسيط، فإنه إنما يقول فى مبلغ البياض بمبلغ البسيط؛ فتكون هذه فقط التى ذكرت يقال لها بالتحقيق وبذاتها كم. فأما ما سواها فليس منها شىء هو بذاته كم، بل إن كان ولا بد فبالعرض.
صفحة ١٨
والكم أيضا لا مضاد له أصلا. فأما فى المنفصلة فظاهر أنه ليس له مضاد أصلا، كأنك قلت لذى الذراعين أو لذى الثلاث الأذرع أو للسطح، أو لشىء مما أشبه ذلك، فإنه ليس لها ضد أصلا إلا أن يقول قائل: إن الكثير مضاد للقليل، أو الكبير للصغير، وليس شىء من هذه ألبتة كما، لكنها من المضاف. — وذلك أنه ليس يقال فى شىء من الأشياء ألبتة بنفسه إنه كبير أو صغير، بل بقياسه إلى غيره. مثال ذلك أن الجبل قد يوصف صغيرا، أو السمسمة كبيرة بأن هذه أكبر مما هو من جنسها، وذاك أصغر مما هو من جنسه؛ فيكون القياس إنما هو إلى شىء غيره، فإنه لو وصف شىء صغيرا أو كبيرا بنفسه لما وصف فى حال من الأحوال صغيرا أو السمسمة كبيرة. وأيضا قد نقول إن فى القرية أناسا كثيرا وفى مدينة أثينية أناسا قليلا على أنهم أضعاف هؤلئك، فنقول إن فى البيت أناسا كثيرا وفى الملعب أناسا قليلا على أنهم أكثر منهم كثيرا. وأيضا ذو الذراعين وذو الثلاث الأذرع وكل واحد مما أشبههما يدل على كم. فأما الكبير والصغير فليس يدلان على كم، بل على مضاف، فإن الكبير والصغير إنما يعقلان بالقياس إلى شىء آخر، فيكون من البين أن هذين من المضاف. وأيضا إن وضعت أنهما كم، أو وضعت أنهما ليس〈ا〉 بكم، فليس لهما مضاد ألبتة، وذلك أن الشىء الذى لا يمكن أخذه بنفسه، وإنما يمكن أخذه بقياسه إلى غيره، كيف يمكن أن يكون لهذا مضاد! وأيضا إن يكن الكبير والصغير متضادين وجد الشىء بعينه قابلا للمتضادات معا، وأن كل واحد منهما أيضا مضاد لذاته، لأن الشىء بعينه قد يوجد كبيرا وصغيرا حتى معا، إذ كان عند هذا صغيرا، وهو بعينه عند غيره كبير، فيكون فد يوجد الشىء بعينه كبيرا وصغيرا فى زمان بعينه، 〈وإذن〉 يكون قد يقبل الضدين معا، لأنه من المتفق عليه أنه ليس يمكن أن يقبل شىء واحد الضدين معا، مثال ذلك فى الجوهر: فإن الجوهر من المتفق عليه أنه قابل المتضادات، إلا أنه لن يصح ويسقم معا، ولا يكون أبيض وأسود معا، ولا شىء من سائر الأشياء ألبتة يقبل الضدين معا. ويوجد أيضا 〈حينئذ〉 كل واحد منهما مضادا لذاته. وذلك أنه إن كان الكبير مضادا للصغير، وكان الشىء الواحد بعينه كبيرا وصغيرا معا، فالشىء يكون مضادا لذاته. فليس الكبير إذا مضادا للصغير، ولا الكثير للقليل. فتكون هذه — وإن قال الإنسان إنها ليست من المضاف، بل من الكم — ليس فيها مضاد.
وأكثر ما ظنت المضادة فى الكم موجودة فى المكان، لأن المكان الأعلى يضعون أنه مضاد للمكان الأسفل، ويعبرون بالمكان الأسفل المكان الذى يلقى الوسط. وإنما ذهبوا إلى ذلك لأن البعد بين الوسط وبين أطراف العالم أبعد البعد. ويشبه أن يكونوا إنما اجتلبوا الحد لسائر المتضادات من هذه، لأنهم إنما يحدون المتضادات بأنها التى بعدها بعضها من بعض غاية البعد ويجمعها جنس واحد.
وليس بمظنون بالكم أنه قابل الأكثر والأقل، مثال ذلك: ذو الذراعين، فإنه ليس هذا ذا ذراعين بأكثر من هذا. وكذلك فى العدد، مثال ذلك: الثلاثة والخمسة، فإنه ليس يقال إن هذه خمسة بأكثر مما هذه ثلاثة، أو إن هذه ثلاثة بأكثر مما هذه ثلاثة. ولا يقال أيضا فى زمان إنه زمان بأكثر من غيره، ولا يقال بالجملة فى شىء مما ذكر الأكثر ولا الأقل، فيكون إذا الكم غير قابل الأكثر والأقل.
صفحة ٢٠
وأخص خواص الكم أنه يقال مساويا وغير مساو؛ ومثال ذلك الجثة: تقال مساوية وغير مساوية. وكل واحد من سائر ما ذكر على هذا المثال يقال مساو وغير مساو. وأما سائر ما لم يكن كما فليس يكاد يظن به أنه يقال مساويا وغير مساو، مثال ذلك: الحال، ليس يكاد أن تقال مساوية ولا غير مساوية، بل الأحرى أن تقال شبيهة. والأبيض ليس يكاد أن يقال مساويا وغير مساو بل شبيه.
فيكون أخص خواص الكم أنه يقال مساويا وغير مساو.
[chapter 7] فى التى من المضاف
صفحة ٢١
يقال فى الأشياء إنها من المضاف متى كانت ماهياتها إنما تقال بالقياس إلى غيرها أو على نحو آخر من أنحاء النسبة إلى غيرها، أى نحو كان. مثال ذلك أن الأكبر ماهيته إنما تقال بالقياس إلى غيره، وذلك أنه إنما يقال أكبر من شىء؛ والضعف ماهيته بالقياس إلى غيره، وذلك أنه إنما يقال ضعفا لشىء؛ وكذلك كل ما يجرى هذا المجرى. — ومن المضاف أيضا هذه الأشياء: مثال ذلك: الملكة، والحال، والحس، والعلم، والوضع. فإن جميع ما ذكر من ذلك فماهيته إنما تقال بالقياس إلى غيره ولا غير، وذلك أن الملكة إنما تقال ملكة لشىء، والعلم علم بشىء، والحس حس بشىء، وسائر ما ذكرنا يجرى هذا المجرى. والأشياء إذن التى من المضاف هى كل ما كانت ماهياتها إنما تقال بالقياس إلى غيرها أو على نحو آخر من أنحاء النسبة إلى غيرها أى نحو كان لا غير، مثال ذلك: الجبل، يقال كبيرا بالقياس إلى غيره، فإنه إنما يقال جبل كبير بالإضافة إلى شىء، والشبيه إنما يقال شبيها بشىء؛ وسائر ما يجرى هذا المجرى على هذا المثال يقال بالإضافة. والاضطجاع والقيام والجلوس هى من الوضع، والوضع من المضاف. فأما: يضطجع، أو يقوم، أو يجلس فليست من الوضع، بل من الأشياء المشتق لها الاسم من الوضع الذى ذكر.
وقد توجد أيضا المضادة فى المضاف، مثال ذلك: الفضيلة والخسيسة، كل واحد مضاد لصاحبه، وهو من المضاف؛ والعلم والجهل. — إلا أن المضادة ليست موجودة فى كل المضاف، فإنه ليس للضعفين ضد، ولا للثلاثة الأضعاف، ولا لشىء مما كان مثله.
وقد يظن بالمضاف أنه أيضا يقبل الأكثر والأقل، لأن الشبيه يقال أكثر شبها وأقل شبها؛ وغير المساوى يقال أكثر وأقل . وكل واحد منهما من المضاف، فإن الشبيه إنما يقال شبيها بشىء، وغير المساوى غير مساو لشىء. ولكن ليس كله يقبل الأكثر والأقل، فإن الضعف ليس يقال ضعفا أكثر ولا أقل، ولا شيئا مما كان مثله.
صفحة ٢٢
والمضافات كلها ترجع بالتكافؤ بعضها على بعض فى القول، مثال ذلك: العبد، يقال عبد للمولى، والمولى يقال مولى للعبد؛ والضعف ضعف للنصف، والنصف نصف للضعف؛ والأكبر أكبر من الأصغر، والأصغر أصغر من الأكبر. وكذلك أيضا فى سائرها، ما خلا أنها فى مخرج اللفظ ربما اختلف تصريفهما، مثال ذلك: العلم، يقال علم بمعلوم، والمعلوم معلوم للعلم؛ والحس حس بمحسوس، والمحسوس محسوس للحس. لكن ربما ظنا غير متكافئين متى لم يضف إلى الشىء الذى إليه يضاف — إضافة معادلة، بل فرط المضيف، مثال ذلك: الجناح إن أضيف إلى ذى الريش لم يرجع بالتكافؤ ذو الريش على الجناح، لأن الأول لم تكن إضافته معادلة، أعنى الجناح إلى ذى الريش. وذلك أنه ليس من طريق أن ذا الريش ذو الريش أضيف إليه فى القول الجناح، لكن من طريق أنه ذو جناح، إذ كان كثير غيره من ذوى الأجنحة لا ريش له. فإن جعلت الإضافة معادلة رجع أيضا بالتكافؤ، مثال ذلك: الجناح جناح لذى الجناح، وذو الجناح بالجناح هو ذو جناح. وخليق أن يكون ربما نضطر إلى اختراع الاسم متى لم نجد اسما موضوعا إليه تقع الإضافة معادلة، مثال ذلك: أن السكان إن أضيف إلى الزورق لم تكن إضافته معادلة، لأنه ليس من طريق أن الزورق زورق أضيف إليه فى القول: «السكان» إذ كان قد يوجد زواريق لا سكان لها، ولذلك لا يرجع بالتكافؤ، لأنه ليس يقال إن الزورق زورق بالسكان. لكن خليق أن تكون الإضافة أعدل إذا قيلت على هذا النحو: السكان سكان لذى السكان — أو على نحو ذلك، إذ ليس يوجد اسم موضوع فيرجع حينئذ متكافئا إذا كانت الإضافة معادلة، فإن ذا السكان إنما هو ذو سكان بالسكان. وكذلك أيضا فى سائرها: مثال ذلك: أن الرأس تكون إضافته الى ذى الرأس أعدل من إضافته إلى الحى، فإنه ليس الحى من طريق ما هو حى له رأس، إذ كان كثير من الحيوان لا رأس له. وكذلك أسهل ما لعله يتهيأ لك به أخذ الأسماء فيما لم يكن لها أسماء موضوعة: أن تضع الأسماء من الأول للتى عليها ترجع بالتكافؤ على مثال ما فعل فى التى ذكرت آنفا — من الجناح: ذو الجناح، ومن السكان: ذو السكان.
صفحة ٢٤
فكل الإضافات إذا أضيفت على المعادلة قيل إنها يرجع بعضها على بعض بالتكافؤ. فإن الإضافه إن وقعت جزءا ولم تقع إلى الشىء الذى إليه تقال النسبة لم ترجع بالتكافؤ، أعنى أنه لا يرجع بالتكافؤ شىء ألبتة من المتفق فيها أنها مما يقال إنه يرجع بالتكافؤ، ولها أسماء موضوعة فضلا عن غيرها متى وقعت الإضافة إلى شىء من اللوازم، لا إلى الشىء الذى إليه تقع النسبة فى القول. مثال ذلك أن العبد إن لم يضف إلى المولى لكن إلى الإنسان، أو إلى ذى الرجلين أو إلى شىء مما يشبه ذلك لم يرجع بالتكافؤ لأن الإضافة لم تكن معادلة. — وأيضا متى أضيف شىء إلى الشىء الذى إليه ينسب بالقول إضافة معادلة، فإنه إن ارتفع سائر الأشياء كلها العارضة لذلك بعد أن يبقى ذلك الشىء وحده الذى إليه الإضافة فإنه ينسب إليه بالقول أبدا نسبة معادلة، مثال ذلك: العبد إنما يقال بالإضافة إلى المولى، فإن ارتفعت سائر الأشياء اللاحقة للمولى — مثال ذلك أنه ذو رجلين، أنه قبول للعلم، أنه إنسان — وبقى أنه مولى فقط، وقيل أبدا العبد بالإضافة إليه — فإنه يقال إن العبد عبد المولى. — ومتى أضيف شىء إلى الشىء الذى ينسب إليه بالقول على غير معادلة ثم ارتفع سائر الأشياء وبقى ذلك الشىء وحده الذى إليه وقعت الإضافة لم ينسب إليه بالقول. فلينزل أن العبد أضيف إلى الإنسان، والجناح إلى ذى الريش؛ وليرفع من الإنسان أنه مولى — فإنه ليس يقال حينئذ العبد بالقياس إلى الإنسان، وذلك أنه إذا لم يكن المولى لم يكن [ولا] العبد. وكذلك فليرفع أيضا عن ذى الريش أنه ذو جناح، فإنه لا يكون حينئذ الجناح من المضاف، وذلك أنه إذا لم يكن ذو الجناح لم يكن الجناح لشىء. فقد يجب أن تكون الإضافة إلى الشىء الذى إليه يقال — معادلة. وإن كان يوجد اسم موضوعا، فإن الإضافة تكون سهلة؛ وإن لم يوجد فخليق أن يكون يضطر إلى اختراع اسم؛ وإذا وقعت الإضافة على هذا النحو، فمن البين أن المضافات كلها يرجغ بعضها على بعض فى القول بالتكافؤ.
صفحة ٢٥