المقصد الأسنى في شرح معاني أسماء الله الحسنى

أبو حامد الغزالي ت. 505 هجري
62

المقصد الأسنى في شرح معاني أسماء الله الحسنى

محقق

بسام عبد الوهاب الجابي

الناشر

الجفان والجابي

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٠٧ - ١٩٨٧

مكان النشر

قبرص

والرزق رزقان ظَاهر وَهِي الأقوات والأطعمة وَذَلِكَ للظواهر وَهِي الْأَبدَان وباطن وَهِي المعارف والمكاشفات وَذَلِكَ للقلوب والأسرار وَهَذَا أشرف الرزقين فَإِن ثَمَرَته حَيَاة الْأَبَد وَثَمَرَة الرزق الظَّاهِر قُوَّة الْجَسَد إِلَى مُدَّة قريبَة الأمد وَالله ﷿ هُوَ الْمُتَوَلِي لخلق الرزقين والمتفضل بالإيصال إِلَى كلا الْفَرِيقَيْنِ وَلكنه يبسط الرزق لمن يَشَاء وَيقدر تَنْبِيه غَايَة حَظّ العَبْد من هَذَا الْوَصْف أَمْرَانِ أَحدهمَا أَن يعرف حَقِيقَة هَذَا الْوَصْف وَأَنه لَا يسْتَحقّهُ إِلَّا الله ﷿ فَلَا ينْتَظر الرزق إِلَّا مِنْهُ وَلَا يتوكل فِيهِ إِلَّا عَلَيْهِ كَمَا رُوِيَ عَن حَاتِم الْأَصَم ﵀ أَنه قَالَ لَهُ رجل من أَيْن تَأْكُل فَقَالَ من خزانته فَقَالَ الرجل أيلقي عَلَيْك الرزق من السَّمَاء فَقَالَ لَو لم تكن الأَرْض لَهُ لَكَانَ يلقيه من السَّمَاء فَقَالَ الرجل إِنَّكُم تَقولُونَ الْكَلَام فَقَالَ لِأَنَّهُ لم ينزل من السَّمَاء إِلَّا الْكَلَام فَقَالَ الرجل إِنِّي لَا أقوى على مجادلتك فَقَالَ لِأَن الْبَاطِل لَا يقوى مَعَ الْحق الثَّانِي أَن يرزقه علما هاديا وَلِسَانًا مرشدا معلما ويدا منفقة متصدقة وَيكون سَببا لوصول الأرزاق الشَّرِيفَة إِلَى الْقُلُوب بأقواله وأعماله ووصول الأرزاق إِلَى الْأَبدَان بأفعاله وأعماله وَإِذا أحب الله عبدا أَكثر حوائج الْخلق إِلَيْهِ وَمهما كَانَ وَاسِطَة بَين الله وَبَين الْعباد فِي وُصُول الأرزاق إِلَيْهِم فقد نَالَ حظا من هَذِه الصّفة قَالَ رَسُول لله ﷺ الخازن الْأمين الَّذِي يُعْطي مَا أَمر بِهِ طيبَة بِهِ نَفسه أحد المتصدقين وأيدي الْعباد خَزَائِن الله تَعَالَى

1 / 85