مقومات الداعية الناجح في ضوء الكتاب والسنة

سعيد بن وهف القحطاني ت. 1440 هجري
122

مقومات الداعية الناجح في ضوء الكتاب والسنة

الناشر

مطبعة سفير

مكان النشر

الرياض

تصانيف

وهذا من روائع حلمه ﷺ وكماله، وحسن خلقه، وصفحه الجميل، وصبره على الأذى في النفس، والمال، والتجاوز على جفاء من يريد تألفه على الإسلام؛ وليتأسّى به الدعاة إلى الله، والولاة بعده في حلمه، وخُلُقه الجميل من الصفح، والإغضاء، والعفو، والدفع بالتي هي أحسن (١). الصورة التاسعة: اللهم اغفر لقومي ومن عظيم حلمه عدم دعائه على من آذاه من قومه، وقد كان باستطاعته أن يدعو عليهم، فيهلكهم الله، ويدمرهم، ولكنه ﷺ حليم حكيم يهدف إلى الغاية العظمى، وهي رجاء إسلامهم، أو إسلام ذرياتهم؛ ولهذا قال عبد الله بن مسعود ﵁: كأني أنظر إلى رسول الله ﷺ يحكي نبيًّا من الأنبياء، صلوات الله وسلامه عليهم، ضربه قومه فأدْمَوْهُ وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: «اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون» (٢). الصورة العاشرة: مع أبي إبراهيم ومما يدلّ على أن الحلم ركن من أركان الحكمة ملازمة صفة الحلم للأنبياء قبل النبي ﷺ في دعوتهم إلى الله تعالى. فهذا إبراهيم أبو الأنبياء، عليه وعليهم الصلاة والسلام، قد بلغ من الحلم مبلغًا عظيمًا حتى وصفه الله بقوله: ﴿وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ

(١) انظر: فتح الباري، ١٠/ ٥٠٦، وشرح النووي على مسلم، ٧/ ١٤٦، ١٤٧. (٢) البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب حدثنا أبو اليمان، برقم ٣٤٧٧، ومسلم، في كتاب الجهاد والسير، باب غزوة أحد، برقم ١٧٩٢.

1 / 126