94

مقامات القرني

تصانيف

تلك المكارم في لحم ولا عصب ألف جرير ، كتاب التفسير ، وحرره أيما تحرير ، فهو لكل مؤمن سمير ، وبكل نفع جدير ، فأغلقت عليه في زنزانة ، كأنك ما عرفت شانه ، ولا شكرت إحسانه ، واستبدلته بكتاب ألف ليلة وليلة ، وجعلته إلى اللهو وسيلة ، وللعب خميلة ، ولطلب الدنيا حيلة ، تغفل الآيات البينات ، والحكم البالغات ، والنصائح والعظات ، وتقبل على كتاب الأغاني ، للأصفهاني ، وهو فيما قال جاني .

خف الله واحفظ ذا الزمان فإنه

نهارك يا مغرور سهو وغفلة

سريع التقضي مخلف الحسرات

وليلك يمضي في رؤى وسبات

أسأل الله بالاسم الأعظم ، والوصف الأكرم ، فإنه الأعلم الأحلم الأحكم ، أن يهدي قلبي وقلبك ، وأن يغفر ذنبي وذنبك ، وأن ينير بالوحي دربي ودربك.

المقامة الجهادية

{ من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه

ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا }

أيا رب لا تجعل وفاتي إن دنت

ولكن شهيدا ثاويا في عصابة

على مضجع تعلوه حسن المطارف

يصابون في فج من الأرض خائف

قال أبو شجاع ، محمد بن القعقاع : ما رأيت مثل الجهاد ، في سبيل رب العباد ، فيه تصان الملة ، ويدخل على الكفار الذلة .

قلنا يا أبا شجاع : حدثنا عن بعض التحف ، من مواقف السلف ، في ساح الوغى ، يوم قاتلوا من بغى وطغى .

فقال : كان المسلمون مع قتيبة بن مسلم في حصار كابل ، وكل ذاهل ، فأرسل إلى محمد بن واسع ، الإمام الخاشع ، فلقيه بجفن دامع ، وكف ضارع ، يشير بسبابته إلى السماء ، ويقول : يا سميع الدعاء ، عظم فيك الرجاء ، اللهم ثبت أقدامنا ، وسدد سهامنا وارفع أعلامنا ، فلما أخبروا قتيبة بما شاهدوا ، وأطلعوه على ما وجدوا .

صفحة ٨٩