وإكثار الشراب مع الطعام الملك حمل الصور لينفخ ، والملائكة تكتب عليك وتنسخ ، وأنت بالذنوب ملطخ، ما تبكي لك مقلة ، كأنك أبله ، كان ابن المبارك من البكاء يخور ، كأنه ثور منحور ، وابن الفضيل يموت في الصلاة ، لأنه سمع من الإمام قرآنا تلاه ، ترك ابن أبي ذئب القيام لأمير المؤمنين ، وقال ذكرت يوم يقوم الناس لرب العالمين ، كان ميمون بن مهران ، كأن عينيه نهران ، حفر له في البيت قبر ، إذا رآه فكأنه ينقر في قلبه نقر ، يا ويلاه القبر القبر .
يقول أحد السلف : يا مغرور إن كنت تظن أن الله لا يراك ، وتفعل هذه الأفعال فأنت شاك ، فما غرك وألهاك ، وإن كنت تعلم أنه يبصر أفعالك ، ويحصي أعمالك ، ويراقب أقوالك ، ثم تتجرأ على محارمه ، وتستهين بمعالمه ، فقد سلب قلبك ، وأخذ لبك.
ولو أن قلبا يعرف الله لاستوى
لديه نعيم العيش والحدثان
فما هي إلا جيفة طاف حولها
كلاب فلا تخدعك باللمعان
ابن تيمية يمرغ وجهه في التراب ، وينادي يا وهاب ، يا فاتح الأبواب ، الطف بنا ساعة الحساب ، وأنت ميت الإرادة ، ظاهر البلادة ، عريض الوسادة . الملائكة يسبحون الليل والنهار لا يسأمون ، ويذكرون ربهم ولا يفترون ، ولا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، ولم يعملوا سيئات ، ولم يقترفوا خطيئات ، ولم يرتكبوا موبقات ، ونحن أهل العصيان ، والتمرد والنكران ، ومع هذا ترانا لاعبين ، وفي طرق اللهو ساربين، ولكأس الغفلة شاربين ، الأمر فصل، وجد ليس بالهزل ، يوم قمطرير ، شره مستطير ، تكاد القلوب منه تطير ، تذهل المرضعة عما أرضعت ، وتسقط الحامل ما حملت ،وترى كل نفس ما عملت ، الخلائق تضيق نفوسهم ، الولدان تشيب رؤوسهم .
هد من لهوك شيئا هد هد
أرغم النفس على فعل التقى
إن أمر الله فينا جد جد
صفحة ٨٣