لأن الخوارج كفروا بالكبيرة ، وأخرجوا المسلم من الدين بالجريرة ، وحملوا السيف على أئمة الحيف ، وخلدوا الفاسق في النار ، مع الكفار ، والجبرية قالوا : إن العباد جبروا على الذنوب ، وقهروا على معصية علام الغيوب .
والقدرية قالوا لم يسبق القدر علم ولا كتاب ، والأمر مستأنف خطأه والصواب .
والأشعرية أثبتوا الأسماء وسبعا من الصفات ، وأولوا الباقيات ، ولهم مقالات زائفات ، والسلف قابلوا النصوص بالإذعان والتسليم ، والتوقير والتكريم ، فأمروها على ظاهرها كما جاءت من غير تمثيل ، وقبلوها من غير تعطيل ، وعرفوها من غير تكييف وفهموها من غير تشبيه ولا تزييف .
وأنا إلى السلف انتسب ، لأنني رضعت منهجهم ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ، والمبتدعة ليسوا منا ولا إلينا ، لأن البقر تشابه علينا .
إذا أتاني كتاب مختوم ، عليه توقيع المعصوم ، لثمته بدموعي وأنفاسي ، ووضعته على راسي ، وقلت سمعا وطاعة ، لصاحب الحوض والشفاعة .
وإذا جاءني كتاب بالباطل منمرق ، وبالبدعة مزمرق ، وبالبهتان ممخرق ، مزقته كل ممزق . واعظ الله في كل سريرة ، فإذا ألقيت قميص يوسف على يعقوب البصيرة . عاد القلب بنور الوحي بصيرا ، وارتد طرف الباطل حسيرا ، وانفل حد الزور كسيرا . سلام على السلف ، من الخلف ، ما غرد حمام وهتف ، وما حن حبيب لحبيب وعطف ، وما رقص قلب صب ورجف ، وما همع دمع ونزف .
جمرك البضاعة بختم محمد ، واكتب على البطاقة لا يستبدل ولا يجدد ، واقرأ على الكيس خرج من مدينة الرسول ، وحامل الكيس هو المسئول ، واحذر من التزوير ، فإن موزع البريد بصير، وقارئ الرسائل خبير، إذا طلع فجر البشرى من المدينة أذنا ، وإذا رأينا الركب من طيبة أعلنا ، وإذا سمعنا الهتاف المحمدي أمنا ، وكلنا حول رايته دندنا .
صفحة ٣٨