وإن أعجبك فتكبرت ، وأطربك فتجبرت ، وأغضبك فتهورت فاعلم أنه علم ضار، وبناء منهار ، علم لا يلزمك تكبيرة الإحرام مع الإمام ، فهو جهل وأوهام ، وعلم لا يدعوك إلى الصدق في الأقوال ، والإصلاح في الأعمال ، والاستقامة في الأحوال ، فهو وبال ، العلم ليس مناصب ومواكب ومراكب ومراتب ومكاسب .
بل العلم إيمان وإيقان وإحسان وعرفان وإذعان وإتقان ، فهو إيمان بما جاء به الرسول ، وإيقان بالمنقول والمعقول ، وإحسان يجود به العمل ، ويحذر به من الزلل ، وعرفان يحمل على الشكر ، ويدعو لدوام الذكر ، وإذعان يحمل على العمل بالمأمور ، واجتناب المحذور ، والرضا بالمقدور ، وإتقان تصلح به العبادة ، وتطلب به الزيادة .
المقامة السلفية
{ أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده }
هم القوم إن قالوا أصابوا وإن دعوا
أجابوا وإن أعطوا أطابوا وأجزلوا
ولا يستطيع الفاعلون فعالهم
ولو حاولوا في النائبات وأجملوا
قال الراوي : نراك صاحب تحف ، فحدثنا عن مذهب السلف ، ليقتدي به الخلف فملأه السرور ، وحضره الحبور ، وغشيه النور ، ثم أنشد :
وداع دعا إذ نحن بالخيف من منى
فهيج أشواق الفؤاد وما ندري
دعا باسم ليلى غيرها فكأنما
أطار بليلى طائرا كان في صدري
ثم قال ذكرتمونا خير القرون ، ونون العيون ، فحديثهم ذو شجون .
فهم أهل الاتباع لا الابتداع ، وأهل الرواية والسماع ، والألفة والاجتماع ، نزل الوحي بناديهم ، وسارت السنة من واديهم ، شهدوا التنزيل ، وعرفوا التأويل ، قولهم سديد ، وفعلهم رشيد ، ومنهجهم حميد ، ومذهبهم فريد ، اعتصموا بالدليل ، وتركوا القال والقيل ، فهم صفوة كل جيل ، وخلاصة كل قبيل :
هم النجوم مسائلها إذا التبست
عليك عند السرى يا صاحبي السبل
اتبع طريقتهم اعرف حقيقتهم
صفحة ٣٦