130

مقامات القرني

تصانيف

واعلموا أنها قامت عليكم الحجة ، وبانت المحجة . وأوصيكم بتوقير شعائر الدين ، فإنها تقوى رب العالمين . واستعدوا للرحيل ، إلى الملك الجليل ، فإنكم قادمون إليه عما قليل . وإذا سمعتم الأذان ، فأجيبوا داعي الرحمن ، فليس بعد الأذان أعمال ولا أشغال ، بل ذهاب إلى بيت ذي الجلال .

وقد دعيتم فأجيبوا الداعي ، بقلب واعي ، فإني أخشى على من تهاون بتكبيرة الإحرام ، مع الإمام ، أن يحرم التوفيق على الدوام ، وأن لا يبلغه الله المرام .

ولقد نصحت ولي تجارب جمة

ولقيت كل معلم مأمون

فإذا النعيم وكل ماجد زائل

يفنى ويبقى سعيكم للدين

واعلم أن من صحب الفساق ، ونقض الميثاق ، ابتلاه الله بالنفاق .ولا تقولوا نحن في عصر الصبا ، وكم من سيف نبا ، وجواد كبا ، فهذا كلام من غره بالله الغرور ، حتى فاجأته قاصمة الظهور ، وطرح في القبور ، وتذكروا ليلة صبحها يوم القيامة ، فما أكثر الأسف فيها والندامة . وتذكروا أول ليلة في القبر ، فلا إله إلا الله ما أعظمه من أمر ، ليلة ليس فيها جليس ولا أنيس ، يرتجف لها القلب ، ويذهب من هولها اللب ، ليس معكم فيها صديق ولا رفيق . تخلى عنكم الأحباب وترككم الأصحاب ، وجردوكم من الثياب ، ووسدوكم التراب . الأموال بعدكم قسمت ، والبيوت سكنت ، والزوجات نكحت ، فأين قلوبكم والعقول ، ما لكم في ذهول ، وأنتم في نقول .

فارقعوا بالاستغفار ما مزقته أيادي الذنوب الكبار . واغسلوا بدمع العيون غبار الذنوب ، وتولوا إلى علام القلوب ، وعليكم بالسكوت ، ولزوم البيوت ، والرضا بالقوت ، فإنه كاف لمن سيموت . والحرص على تكبيرة الإحرام ، وسلامة الصدور من الآثام ، وإطابة الطعام ، وحسن الخلق مع الأنام ، عربون صادق لدار السلام . وطهروا القلوب من الإحن ، وألزموا السنن ، وفروا من الفتن ، تجدون عونه عز وجل وقت المحن، مع إسباله عليكم ثوب المنن .

صفحة ٣٠