مقام إبراهيم - ضمن «آثار المعلمي»
محقق
محمد عزير شمس
الناشر
دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٤ هـ
تصانيف
فأَمّا القولُ بأَنَّ موضعَه الآنَ هو موضعُهُ الأَصليّ، فهو مِنَ الضَّعفِ بحيثُ لا يحتاجُ إِلى فرضِ صحّتِهِ وما يتبعُ ذلك. واللهُ أَعلمُ.
المُعارَضةُ الثانية:
قد يُقالُ: ثَبَتَ عن عائشةَ ﵂ أَنَّ النبيَّ ﷺ قال لها: "ألم تَرَيْ أنّ قومكِ حين بنوا الكعبة اقتصروا عن قواعد إبراهيم؟ " قالت: فقلت: يا رسول الله! ألا تردُّها على قواعد إبراهيم؟ قال: "لولا حَدَثانُ قومك بالكفر لفعلتُ". لفظ البخاري (^١).
وفي رواية له (^٢): "لولا أنّ قومكِ حديثٌ عهدُهم بجاهليّة، فأخاف أن تنكر قلوبهم ... ".
وتأخير المقام عن موضعه ممّا تنكره قلوب الناس، فينبغي اجتنابه.
والجواب من أوجهٍ:
الأول: أنّ بقاء الكعبة على بناء قريش لم يترتّب عليه ــ فيما يتعلق بالعبادات ــ خللٌ ولا حرج، ولذلك لم يأمر رسول الله ﷺ كبار أصحابه ببنائها حين يبعد العهد بالجاهلية، وإنّما أخبر عائشة ﵂؛ لأنّها رغبَتْ في دخول الكعبة، فأرشدها إلى أن تصلّي في الحِجْر، وبيّن لها أنّ بعضه أو كلّه من الكعبة، قصّرت قريش دونه.
ولا أرى عائشة ﵂ كانت ترى إعادة بنائها على القواعد أمرًا ذا بال؛ فإنّه لم يُنقَل أنّها أرسلت إلى عمر أو عثمان ﵃ تخبرهم
_________
(^١) رقم (١٥٨٣).
(^٢) رقم (١٥٨٤).
16 / 485