مقام الرشاد بين التقليد والاجتهاد

فيصل آل مبارك ت. 1376 هجري
28

مقام الرشاد بين التقليد والاجتهاد

محقق

أَبِي الْعَالِيَةَ محَمّدُ بِنُ يُوسُفُ الجُورَانِيّ

الناشر

بدون ناشر أو رقم طبعة أو عام نشر!

تصانيف

الثَّالِثُ: التَّقْلِيدُ بَعْدَ قِيَامِ الْحُجَّةِ وَظُهُورِ الدَّلِيلِ عَلَى خِلَافِ قَوْلِ الْمُقَلَّدِ.» (١) إلى أن قال: «وَالْمُقَلِّدُ لَا يَعْرِفُ الْحَقَّ مِنْ الْبَاطِلِ، وَقَدْ نَهَاهُمُ أَئِمَّتُهُم عَنْ تَقْلِيْدِهِم، وَأَوْصَوْهُمْ إذَا ظَهَرَ الدَّلِيلُ أَنْ يَتْرُكُوا أَقْوَالَهُمْ وَيَتَّبِعُوهُ، فَخَالَفُوهُمْ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ! وَأَعْجَبُ مِنْ هَذَا أَنَّهُمْ مُصَرِّحُونَ فِي كُتُبِهِمْ بِبُطْلَانِ التَّقْلِيدِ وَتَحْرِيمِهِ، وَأَنَّهُ لَا يَحِلُّ الْقَوْلُ بِهِ فِي دِينِ اللَّهِ، وَلَوْ اشْتَرَطَ الْإِمَامُ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بِمَذْهَبٍ مُعَيَّنٍ لَمْ يَصِحَّ شَرْطُهُ وَلَا تَوْلِيَتُهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ صَحَّحَ التَّوْلِيَةَ وَأَبْطَلَ الشَّرْطَ. وَكَذَلِكَ الْمُفْتِي يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْإِفْتَاءُ بِمَا لَا يَعْلَمُ صِحَّتُهُ بِاتِّفَاقِ النَّاسِ، وَالْمُقَلِّدُ لَا عِلْمَ لَهُ بِصِحَّةِ الْقَوْلِ وَفَسَادِهِ؛ إذْ طَرِيقُ ذَلِكَ مَسْدُودَةٌ عَلَيْهِ، ثُمَّ كُلٌّ مِنْهُمْ يَعْرِفُ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ مُقَلِّدٌ لِمَتْبُوعِهِ لَا يُفَارِقُ قَوْلَهُ، [/١٧] وَيَتْرُكُ لَهُ كُلَّ مَا خَالَفَهُ مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ قَوْلِ صَاحِبٍ أَوْ قَوْلِ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْ مَتْبُوعِهِ أَوْ نَظِيرِهِ، وَهَذَا مِنْ أَعْجَبِ الْعَجَبِ» . انْتَهَى مُلَخَّصًَا (٢) . وَقَالَ الأَمِيرُ مُحَمَّدُ بِنُ إِسْمَاعِيل الصَّنْعَانِي فِي قَصِيْدَتِهِ المشْهُورَةِ: وَمَا كُلُّ قَوْلٍ بَالقَبُولِ مُقَابَلٌ ... وَمَا كُلُّ قَوْلٍ وَاجِبُ الرَّدِّ والطَّرْدِ ً سِوَى مَا أَتَى عَنْ رَبِّنَا ورَسُولِهِ ... فَذَلِك قَوْلٌ جَلَّ يَا ذَا عَنْ الرَّدِّ وَأَمَا أَقَاوِيلُ الرِّجَالِ فَإِنَّهَا ... تَدُورُ عَلى حَسْبِ الأَدِلَّةِ فِي النَّقْدِ فَمُقْتدِيًا كُنْ فِي الهُدَى لا مُقَلِّدًَا ... وَخَلِّ أَخَا التَّقْلِيدِ فِي الأَسْرِ بِالقَدِ (٣)

(١) الإعلام (٣/٤٤٧) . (٢) الإعلام (٣/٤٨٤) . (٣) ديوان الصنعاني (١٢٨) عن نسخة الشيخ الغفيلي وفقه الله.

1 / 31