[مقدمة]
الطناحي ورحلته مع التراث العربي (١)
بقلم: أ. د. عبد الله حمد محارب
لم يدر بخلدي وأنا أستمع إلى حديث الدكتور محمود الطناحي الحلو مع زملاء وأصدقاء اجتمعوا في منزلي أنني سوف أعود من رحلة الحج التي كنت أجهز نفسي لها، فأجد العلم والفضل وكل الصفات النبيلة تتقبل العزاء بوفاته.
عرفته في أواخر السبعينات أستاذًا كريمًا وحافظًا متقنًا ثبتًا، وقبل هذا هو واحد من حواريي شيخنا محمود محمد شاكر، كان ملازمًا له قارئًا عليه كثيرًا من كتب التراث، ذكيًا سريع اللمحة، مطلعًا على كتب التراث، ومتمكنًا من تحقيقها، فقد كان منذ صغره معنيًا بها، مشغوفًا بدراستها.
وقد التقى في مسيرة حياته عددًا كبيرًا من العلماء والأساتذة المبرزين في هذا الميدان سواء من خلال عمله في دار الكتب ناسخًا للمخطوطات فيها، أو جهوده في معهد المخطوطات العربية، أو أسفاره إلى أقطار الأرض لتصوير تلك المخطوطات وفهرستها (المغرب، اليمن، تركيا، المملكة العربية السعودية)، كما صار حجة أيضًا في البصر بتاريخ الطباعة في مصر، وله فيها كتاب مطبوع، وهو حجة كذلك في فنون العربية وآدابها، حافظًا للقرآن الكريم، عارفًا وجوه قراءاته كلها، ومع كل هذا فقد كان لطيف المعشر، حلو الحديث، راويًا لطرائف عجيبة، صاحب نوادر، لا يمل منه جليسه، وفوق هذا فقد كانت الكويت من البلاد التي أحبها، وهو لم يتسن له أن
_________
(١) من كتاب: «محمود الطناحي: ذكرى لن تغيب»، إعداد محمد محمود الطناحي (ص ١٢٨ - ١٣٩).
1 / 9