وهذه الجملة الأخيرة من أهم الجمل التي قالها التي قالها إمامنا الأعظم (ع) ؛ إذ فيها أوصاف من يجب اتباعه من أهل البيت (ع) والائتمام به ، وربما كنا قد تعدينا حدنا في هذا الباب قليلا ودخلنا قليلا في الباب الثاني ، إلا أن تداخل المواضيع قد يكون عاذرا لنا في هذا وأنت تلوم ! .
وبشكل عام ؛ فإن أدنى نظرة على كلام الإما الأعظم (ع) تعرفنا مكانة أهل البيت المترسخة في فكره ، بل إنه يرجو الله أن يجعل لهم الفضل على سائر أهل الأنبياء عليهم السلام وكأن المسألة قاعدة متقررة مع كل نبي ، فيقول :
(( وإنا لنرجو من الله جل ثناؤه أن يجعل لنا من الفضل بقرابته صلى الله عليه وآله وسلم، على أهل الأنبياء كفضل ما جعل الله لنبينا صلى الله عليه وآله عليهم؛ لأن الله قال: ?كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون? )) .
من هم أهل البيت ؟!
ولما تقدم قد يتسائل المتسائل ؛ فيا ترى من هم أهل البيت في نظر الإمام ؟! هل هم أفراد مسمون بأسمائهم ?! أم هم أشخاص معينون بأوصافهم ?! ويا ترى هل يدخل فيهم المنحرف عن نهج آبائه ؛ فكلامه السابق يوهم ذلك! ، وهل هم جماعة كاملة ؟! فإن كانوا كذلك ، فهل هم كل الأمة ؟! أم هم نساء النبي ؟! أم هم بنو هاشم ؟! .
أسئلة تطرح نفسها بقوة لكل من يبحث في موضوع أهل البيت (ع) ، وإجابة على هذه التساؤلات المهم نرى الإمام زيدا (ع) يختصر لنا المسافة الطويلة بعبارة قصيرة موضحا من هم آل النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد علي والحسن والحسين (ع) مجيبا على سؤال : فمن أولى الناس بعد الحسين ؟ قال في كتاب تثبيت الوصية :
فقولوا: آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم أولادهما )) ثم يواصل حديثه قائلا : أفضلهم أعلمهم بالدين، الداعي إلى كتاب الله، الشاهر سيفه في سبيل الله... إلخ )) .
لكنه مع ذلك ينكر أشد الإنكار أن يكون منهم أشخاص مسمون ، أو أفراد معينون مفترضي الطاعة ، بل وينكر أن يكون أحد منهم قد ادعى ذلك ؛ فيقول فيما يرويه المفسر فرات الكوفي :
(( والله ما ادعى أحد منا - لا من ولد الحسن ولا من ولد الحسين - أن فينا إماما مفترض الطاعة علينا وعلى جميع المسلمين ، فو الله ما ادعاها أبي علي بن الحسين في طول ما صحبته حتى قبضه الله إليه ، وما ادعاها محمد بن علي فيما صحبته من الدنيا حتى قبضه الله إليه ، فما ادعاها ابن أخي من بعده )) [ هناك نص نقله نشوان الحميري في الحور العين ] .
ومن هذا النص الجلي يتبين ابتداع فكر التنصيص ؛ فهاهو إمامنا ينكر أن يكون أبوه أو أخوه أو ابن أخيه - عليهم سلام الله - قد ادعى أحدهم أنه إمام مفترض الطاعة ، فيا ترى هل خفي على الإمام زيد (ع) مثل هذا الأمر العظيم !! طبعا على تقدير وجوده !! .
صفحة ٩