ولا يأنف الإمام زيد (ع) من الإعادة والتكرير لقضية أهل البيت في حديثه للعلماء ، بل إنه يرى وجوب سرعة العودة إليهم ، ويطلب ذلك في رسالة أراد فيها أن يؤدي العلماء دورهم المنشود في الأمة من أجل إصلاحها ، فيقول (ع) :
(( عباد الله فأسرعوا بالإنابة وابذلوا النصيحة، فنحن أعلم الأمة بالله، وأوعى الخلق للحكمة، وعلينا نزل القرآن ، وفينا كان يهبط جبريل عليه السلام، ومن عندنا اقتبس الخير، فمن علم خيرا فمنا اقتبسه، ومن قال خيرا فنحن أصله، ونحن أهل المعروف، ونحن الناهون عن المنكر، ونحن الحافظون لحدود الله )) .
إن الإمام زيدا (ع) لم يأل جهدا في إثبات ذلك الفضل لأهل البيت ، فأورد الحجج العقلية والنقلية ، سرد الآيات والأحاديث ، ثم انتهى إلى إلزام الخصم بما يلتزمه ؛ فها هو يحاور خصمه بأسلوبه الشيق حتى يثبت فضل أهل البيت له بما يلتزمه ، ففضل آل إبراهيم عليهم الصلاة والسلام ( ذرية إبراهيم ) لم يكن خصمه منكرا له ، ولذلك قال في كتابه تثبيت الإمامة :
(( ثم اجتمعوا على أن لله خيره من خلقه اختارهم واصطفاهم، وجعلهم أدلاء على الفرائض والحكم على خلقه
فقلنا: هاتوا برهانكم عليه؟
قالوا: قول الله تبارك وتعالى: ?إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم?[آل عمران:33].
فاجتمعوا على أن الأمة المسلمة خلقها الله من ذرية إسماعيل بن إبراهيم، وأن آل إبراهيم خاصة المصطفين الذين اختارهم الله واصطفاهم على العالمين.
فقلنا: هاتوا برهانكم عليه؟
قالوا: قول الله تبارك وتعالى: ?وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم? [البقرة: 127 - 129].
فقبلنا منهم، وشهدنا أن الأمة المسلمة خلقها الله تبارك وتعالى من ذرية إسماعيل خاصة وأنهم آل إبراهيم الذين اصطفاهم الله على العالمين، وأنهم أهل البيت الذين رفع الله منهم الأئمة من ذرية إبراهيم وإسماعيل، وبعث فيهم الرسول.
فصار النبي - الذي بعث الله عز وجل - محمدا صلى الله عليه وعلى آله ، وصار أولئك ذرية إبراهيم حقا يقينا، لأن الأمة اجتمعت على أن إبراهيم المصطفى وذرية إبراهيم الذين على دين إبراهيم.
صفحة ٤