============================================================
وقال أيضا: الاستواء يطلق ويراد به الاستقرار والتمكن، ولازمه: علو المتمكن على المتمكن عليه؛ ضرورة أن من استقر على شيء علا عليه، فحسن لسما ذكر من المبالغة إطلاق الاستواء والمراد به الاستعلاء، كما في قوله: الرحمن على العرش أستوى (8)) [طه:5)، وخص العرش(1) لأنه أعلى الموجودات حيا، والمراد من ذلك علؤ المكانة الذي يقتضي العظمة والكبرياء والقهر لجميع العباد. وكذلك يقال في جميع ما جاء من هذا الباب على هذا السبيل فاعرفه (2).
وقال الشيخ العلامة أبو القاسم بن محمد البجائي التونسي(3) (كان حيا سنة 1025ه) في شرحه على العقيدة الصغرى عند قول الإمام السنوسي في الصفات الواجبة لله تعالى: "ومخالفته للحوادث": حقيقة المخالفة: سلب الجرمية والعرضية ولوازمهما، فلوازم الجرمية الحيز والتحيز والجهات والمقادير والأمكنة (2) قال الإمام السنوسي: وجه اختصاص العرش بالذكر - وإن كانت العوالم كلها كذلك ثساويه فيما ذكر من عظيم الاحتياج إلى الباري تعالى وعدم استغنائها عنه لحظة - أنه لما كان هو أعظم المخلوقات، ونسبة جميعها إليه كحلقة ملقاة في فلاة من الأرض، ربما ئتوهم أن له من القوة والرفعة ما يستغتي به في تدبير نفسه، فتبه على أنه على ما هو عليه من عظم القوة وجلائل الصفات مقهور محتاج إلى مولانا - جل وعز - غاية الاحتياج، ولا يملك لنفسه ولا لغيره ضرا ولا نفعا، ولا يدبر أمره جملة وتفصيلا، وإذا ثبت في حقه ذلك ثبت في حق غيره بالأحرى. (شرح العقيدة الوسطى، ص142، 193) (2) تحرير المطالب لما تضمتته عقيدة ابن الحاجب (ص 177) (3) من فقهاء الحتفية ومحدثيهم بتونس، كان خطيبا بجامع الخطبة خارج باب الجزيرة. (تراجم المؤلفين التونسيين، ج1/ ص76)
صفحة ٤٩