============================================================
الفائكة الثالتة: قوله: لوكان عرشه على الماء" فيه بيان استحالة الجهة في حقه سبحانه، ويؤخذ هذا المعنى من استقرار العرش على الماء، وذلك يعلم اللبيب أنه لما خرقت العادة باستقرار هذا الجرم العظيم على الماء الذي ليس من عادة مثله - بل ولا عادة أقل منه من الأجرام الراسبة- أن يستقر على الماء علم أن الاستواء عليه ليس هو استواء الاستقرار والتمكن من الجلوس، فافهم.
ومثل هذا قوله تعالى: {سبحن آلذى أسرى بعبدهه لئلا [الاسراء: 1] ليعلمك سبحانه أن رؤيته ليس هي كالرؤية العادية التي تكون بالنهار، ولهذا المعنى كانت رؤيته لربه بالليل، لا بالنهار، مع أن الرؤية مجوزة الوقوع بالنهار والليل، لكن لينبه الفطن لما يليق بتنزيه الربوبية، ولهذا جاء في أول السورة قوله: سبكن} تنزيها وتقديسا لكمال حق الربوبية، فافهم(1).
وقال أيضا في غضون رده على المعتزلة بعد إثباته جواز رؤية الله عقلا ووقوعها للمؤمنين في الآخرة سمعا: وأما قولهم: لو قلنا بأنه مرئي يؤدي إلى الجهة، قلنا: هذا إذا كان المرئي في جهة، أما إذا لم يكن كذلك فالأول مسلم، والثاني ممنوع، والمرئي المتنازع فيه - وهو الله - ليس في جهة، فلا يلزم من ضرورة انتفاء الجهة انتفاء الرؤية(2).
(6) أنوار الظلم وأسرار الحكم (ق4/ب)، مخطوط بالمكتبة الوطنية بتونس رقم 72992 (2) أنوار الظلم وأسرار الحكم (ق26/ ب)، مخطوط بالمكتبة الوطنية بتونس رقم 72992
صفحة ٤٣