============================================================
فهذه المحطات تدل على أن أوائل علماء البلاد التونسية قد بادروا إلى اعتماد العقيدة الشنية شعارا ودثارا، ثم قبل المتأخرون منهم المنهج العقدي الأشعري فيما بعد لتوافقه مع ما كان يقرره الأوائل، فمن المعلوم أن الإمام أبا الحسن الأشعري لم يأت بعقائد غير التي كان عليها السلف الصالح، وهو ما قد تقرر في البلاد التونسية قبل ولادة الأشعري نفسه، فلا يعتبر ما جاء به إلا امتدادأ لما كانت عليه البلاد، ولذا حظي بكل القبول.
فضل ومن القضايا العقدية الكبرى التي اتفق عليها علماء البلاد التونسية عامة وسائر علماء العالم الإسلامي من أهل السنة خاصة قضية تنزيه ذات الله سبحانه وتعالى عن الاختصاص بجهة(1) أو مكان، وعن جميع لوازم الجسمية من التحيز والحد والمقدار والحركة والسكون وغير ذلك من اللوازم.
والمخالفون لأهل السنة والجماعة في هذا الأصل هم المعروفون بالمشبهة لأنهم شبهوا الله تعالى بخلقه حيث نسبوا له الجهة والحد والمكان، وهي من (1) قال الشيخ القاضي البكي الكومي التونسي: الجهة: منتهى الإشارة، ومقصد المتحرك بحركته من حيث حصوله فيه فهي ذوات الأوضاع المادية، ومرجعها إلى نفس الأمكنة، أو حدودها وأطرافها. وهي تتقسم بحسب المشير إلى ستة: يمين، وشمال، وأمام، وخلف، وفوق، وتحت، وهي كلها إضافية، ورب فوق لشيء تحت لآخر. (تحرير المطالب لما تضمنته عقيدة ابن الحاجب، ص 16)
صفحة ١٨