============================================================
يزل إلى صلاة المغرب وقد اجتمع الناس إليهما من كل موضع، وشاع ذلك بمصر، وقال الناس بعضهم لبعض: امضوانسمع المناظرة بين الفقيه المغربي وبين اليهودي، فلما كان عند صلاة المغرب انحصر اليهودي وانقطع عن الحجة، وظهر عليه ابن سحنون بالدلائل الواضحة والحجة البالغة.
فلما تبين اليهودي الحق بالبرهان وأراد الله ع هدايته قال عند ذلك: "أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله"، فأسلم وحسن إسلائه، فكير الناس عند ذلك وعلت أصواتهم بالتكبير، وقالوا: "أسلم اليهودي على يدي الفقيه المغربي" فقام محمد وهو يمسح العرق عن جبينه، ثم رد وجهه إلى صاحبه وقال: "لا جزاك الله خيرا عني"، ولامه أشد اللوم، وقال له: "كاد أن تجري على يديك فتنة عظيمة، كيف تأت إلى رجل يهودي تناظره وأنت ضعيف المناظرة والجدل؟! فإذا رأى من أراد الله عى فتنته هذا الذي كان يهوديا قد غلبك واستظهر عليك بباطله أدخلت عليه الفتنة، وداخله الشك في دينه. فلا تكن لك عودة لمثل هذا، وتب إلى الله عل من ذلك، ولولا أني خفت الفتنة على الناس أن يداخلهم شك في دينهم ما ناظرته(1).
فهذه المناظرة تدل على أن الإمام محمد بن سحنون كان من أوائل أئمة علم أصول الدين في القيروان، وما ظهوره على اليهودي الذي أسلم وحسن إسلامه (1) رياض النفوس للمالكي (ج1/ ص456)
صفحة ١١