ثم فصل الانفعال أيضا فقال ان الانفعال نوعان أحدهما بغير فساد من ضده ولا خروج من حال الى حال، لاكنه يكون بحفظ الشىء على حاله وصموده وذهابه الى تمامه وكماله 〈من شبهه〉. ويكون النوع الثانى بفساد الشىء 〈من ضده〉 وخروجه من حال الى حال. فأما النوع الأول فينفعل من غير خروج من حاله، كما ذكرنا آنفا، لاكنه يكون بزيادته الى تمامه وكماله من شبهه، فان الفاعل بالفعل يشبه المتهيئ لقبوله. بالفعل.
فقد بين الحكيم بقوله هذا أن الحس، وان انفعل من محسوسه، لاكنه لا ينفعل كسائر الأشياء التى تنفعل وتفسد وتنتقل من حال 〈الى حال〉، بل ينفعل الحس كالصاعد الى تمامه وكماله، بلا فساد منه ولا انتقال من حال الى حال كانتقال الحبة الى السنبلة والسنبلة الى الحبة.
ثم ذكر الحكيم الحس أيضا فقال ان هذا [النوع] لا يدعى استحالة حقا، لأنه لا ينفعل ويقبل الأثر بفساد، وانما سميناه بهذا الاسم لما لم نجد له اسما ملائما له لضيق الاسماء واللغة.
صفحة ١٩٢