فكما أن الأب يفيض الى ولده ما كان من الأملاك ضرورى فى باب حياته، كذلك الطبيعة منحت جميع الأشياء المحتاجة الى الغذاء غذاء كافيا اما الأشياء المنتشئة فى الارض، فلطفت لها فى أمر غذائها عندما جعلته لها بتوسط الأرض، واما الأشياء التى تبدل أماكنها، فعندما جعلت لها الثمار التى هى بالطبع معتدلة لكل واحد من المواضع التى تنتقل اليها، واما الأشياء التى تجول جميع المواضع وتسعى اليها على سير واحد بعينه، ففى مكان أعدت للناس الغذاء وفرغت من اعداد ذلك وآثرتهم بذلك بمنزلة انسان يفضل ويشرف المحبوبين من أولاده على آخرين، كذلك الطبيعة ليست انما أفادتنا ومنحت ما هو ضرورى فى أمر حياتنا فقط، لاكن لم تنقص ولم تخل لنا ولا واحد من الأشياء الأخر، مثلا أقول مما يمكن اعداده فى أمر حياة هى الغاية فى الفضيلة.
صفحة ٩٧