وذلك أن انتظام الأشياء التى هاهنا بأسره عنده هو انتظام حركة الأجسام الالهية .فاذا ما قيل ان وجود العناية الى نحو فلك القمر، فانما يقال أن العناية موجودة هناك. على أن المعنى المفهوم من القول بذلك هو أنها موجودة فى الذى عنه تكون العناية. وذلك أن العناية هناك توجد فى الذى عنه تلك العناية بالأشياء التى تكون بها عناية، وهذا الذى العناية موجودة فيه وعنه تكون، هو الجسم الالهى بأسره، على ما يوجد بحسب رأيه، جميع الجسم الذى ينتهى عند فلك القمر، وهو السبب فى أمر العناية بالأشياء التى هاهنا.
وذلك أن الذى يوجد له فى طبعه الخاص به السرمدية وحسن النظام هو غير محتاج فى أمر وجوده الى معونة آخر فى وجه من الوجوه، وهذا حال جميع الجسم الالهى. وأما وجود العناية بحسب رأيه فى الأشياء التى تحت فلك القمر (هو على أنها فى الأشياء التى تكون بها عناية، وهذه حال الأشياء التى هاهنا التى هى المحتاجة الى العناية)، فانها محتاجة فى أن توجد بالجملة الى معونة آخر.
فان كل ما له عناية، فانما عنايته بشىء. وكذلك الجسم الالهى أيضا ان كانت له عناية، فعنايته لا يمكن أن تكون بنفسه، فانه غير محتاج الى ذلك أصلا. فقد بقى أن تكون عنايته بشىء آخر غيره، والباقى غير الجسم الالهى انما هو الجسم المتغير الذى فى الكون فقط، وهذه حال الجسم الذى تحت فلك القمر. فهذا اذن هو الذى يصرف اليه العناية.
صفحة ٦١