والملكة أيضا التى ذكرها فى المقالة الثالثة فى كتابه «فى النفس» قال إنه ينبغى أن يطابق بها هذه الأشياء، وأنه ينبغى أن ينقل الملكة والضوء إلى هذا العقل الذى هو فى الكل. وهذا العقل إما أن يكون هو وحده يدبرها هاهنا بردها إلى الأجرام الإلهية، ويركب ويحل، فيكون هو خالق العقل الهيولانى أيضا؛ وإما أن يكون يفعل ذلك بمعاونة الحركة المنتظمة التى للاجرام السماوية، لأنها بها يكون مهيأ لقربها وبعدها، ولا سيما الشمس؛ وإما أن يكون ذلك به وبالعقل الذى هاهنا؛ وإما أن يكون بهذين وبحركة الأجسام السماوية تكون الطبيعة، وتكون الطبيعة هى التى تدبر الأشخاص مع العقل والنطق أيضا أنه يضاد ذلك أن العقل، وهو الإلهى، يوجد فى الأشياء التى فى غاية الخساسة، كما ظن قوم من أصحاب المظلة، وأن بالجملة هاهنا عقلا وغاية تتقدم فى المصالح لأن العناية التى هنا إنما ترجع إلى الأجرام الإلهية. ولهذا فإنه ليس الينا أن نعقل، ولا هو فعل لنا، ولكن مع تكوننا يكون فينا بالطبع قوام العقل الذى بالقوة الأولى إلا أنه لا يظهر إلا بفعل العقل الذى من خارج، [وفعل العقل الذى من الخارج لا يظهر إلا أنه] وليس ما صار فى شىء من جهة أنه يعقل فقد بدل مكانا دون مكان، لأن صور المحسوسات إذا نحن أحسسناها فليس هى فى الحواس على أنها تصير مواضع لها. وإنما يقال فى العقل الذى من خارج إنه مفارق؛ وهو يفارقنا لا على أنه ينتقل أو يبدل الأماكن، ولكنه يبقى مفارقا قائما بنفسه بلا هيولى؛ ومفارقته إيانا بأنه لا يعقل ولا يكتسب، لأنه كذلك كان لما صار فينا.
صفحة ٤٢