القومندان .. والطربي .. !
10-10-2003
----------------------
القمندان ، الأمير أحمد فضل العبدلي .. لم تكن الصدفة أو المناخ والطبيعة المتميزة لتبن جعلت منه فنانا مرهف الأحاسيس وشاعرا مفلقا ، لكن كانت عدة عوامل كونت القمندان منها طلب العلم بهجر يمنية معروفة كزبيد وبيت الفقيه وتريم حضرموت ، والإحتكاك بالشعراء والأدباء وسعة الإطلاع ثم النزول والترجل إلى عالم الواقع وترك صومعة المثقف المتقوقع في تلك الفترة والإحتكاك بعامة الناس وإستقاء روح الفن أصوله وفروعه منهم ، هذه العوامل ساعدت على إبراز شخصيته الفذة المتفردة بكثير من الخصال دلت على النبوغ والعبقرية والنجومية وحلقت باليمن وفنون وآداب اليمن للأعلى وربطت الماضي بالحاضر فوصلته وحمعت رقاعا مبعثرة ومشتتة كاد العبار أن يطمسها فرسمت لوحة بها أدق الملامح وأبلغها ، وترجمت بلعة الإيقاع واللحن والنغم منطقا سلسا مقروأ حكى فقرات من تاريخ حضارتنا العريقة ، صقلت عقيقا يمانيا ولآلي وجواهر وأعادت لها بريقها ورونقها وصاغتها ورتبتها كأحزمة مرصعة تزين حسانا ذوات خصورا يمنية ناحلة تهتز وتتمايل طربا مع موسيقى القمندان ، خرير الماء بسواقي تبن يرقص وغزلان وادي تبن يشترحن (يرقصن) بلابل تبن تردد وحمام الحيط يزجل وقمري البانة يترنم بألحان القمندان .... القمندان عاشق الحياة وبهجتها ,, بشعور الشاعر يزرع الورد والفل والكاذي ويرتحل إلى بلدان خارج البيئة اليمنية ، ويضل عشقه الخال الأبدي لتربة اليمن ، يبحث وينقب عن أشحار تعطي ظلا وثمارا وزهورا فيجلبها وبغريزة الفلاح العاشق يغرسها ويرعاها ، ويوجد بحيرة حتى يكتمل المنظر الجمالي بأبعاده الثلاثة ، حب ما بعده حب نبظ به قلب القمندان وبحيرة تفيظ مياهها عشقا وفنا ، فالقمندان بحسه الشاعري الراقي المرهق لا يستسغ المنظر مبتورا أو ناقصا به قصورا ... وعمل على تناغم البيئة والإنسان في سمفونية أبدية مكتملة الأداء والنغم كان له بها دور القائد ..
صفحة ٢٣