واشترط بعضهم شروطا ردها المحققون لضعفها. منها: أن يكون مميزا أو بالغا أثناء الرؤية. ولو عد هذا الشرط لخرج من الصحبة الحسن والحسين وأطفال حنكهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم ودعا لهم مثل محمد بن أبي بكر الذي ولد قبل وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بثلاثة أشهر وعبد الله ابن ثعلبة بن صعير الذي مسح النبي صلى الله عليه وآله وسلم وجهه عام الفتح.
ومنها: اشتراط طول المجالسة معه صلى الله عليه وآله وسلم والأخذ منه ، ولو عد هذا الشرط لخرج من شرف الصحبة كثير ممن لقي النبي في حجة الوداع من الأعراب وغيرهم وانصرف إلى جهته.
ومن أغرب ما قيل في ذلك قول سعيد بن المسيب أن الرجل لا يكون صحابيا إلا إذا أقام مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم سنة أو سنتين أو غزا معه غزوة أو غزوتين. وهذه الرواية مطروحة فإنها جاءت من طريق محمد بن عمر الواقدي المتروك.
قال الإمام النووي: فإن صح عنه - يعني هذا القول - فضعيف. فإن مقتضاه أن لا يعد جرير البجلي وشبهه صحابيا ولا خلاف أنهم صحابة.364
قلت: لم يسلم جرير إلا بعد نزول سورة المائدة وذلك قبل خمسة أشهر من وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقيل قبل وفاته بأربعين يوما.
ومنهم من تساهل في تعريف الصحابي فأدخل كل من أدرك زمنه صلى الله عليه وآله وسلم مؤمنا به وإن لم يره فيدخل في تعريفه مثل أصحمة نجاشي الحبشة الذي صلى عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلاة الغائب عند وفاته ولم يتلاقيا. وعبد الله بن مالك الجيشاني أبو تميم الذي أسلم في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولم يرحل إلى المدينة إلا في خلافة عمر رضي الله عنه. ويدخل فيهم بهذا التعريف أيضا خويلد بن خالد الهذلي الذي رحل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فوصل إلى المدينة وقد توفي النبي فشهد دفنه.
صفحة ١٠٧