باب ذكر الأعمال الصالحة
وذكر الله الأعمال الصالحة وأخبر أنها من الإيمان والإسلام والدين فقال: { وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين } [البينة: 5]، ثم قال سبحانه: { إن الدين عند الله الإسلام } [آل عمران: 19]، فسمى دينه الإسلام، ثم قال: { ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه } [آل عمران:85] فجعل الإسلام الدين، وقال: { فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين } [الذاريات: 35 - 36]، وهم أهل بيت واحد، فوصفهم مؤمنين، ثم سماهم المسلمين، ثم قال: { يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين } [الحجرات: 17]، فسمى الإسلام إيمانا، فلما سمى الله عز وجل الصلاة والزكوة الدين، وسمى الدين إسلاما، وسمى الإسلام إيمانا، علمنا أن الصلاة والزكوة من الإيمان والإسلام والدين.
فبهذه الآيات ونحوها علمنا أن الأعمال الصالحة من الإيمان والإسلام والدين، وبما تقدم في ذكر المؤمنين وصفاتهم وأسمائهم، وما أوجب الله لهم بأفعالهم علمنا أن من لم يدخل في مثل صفاتهم ويعمل بأعمالهم فليس منهم، ومن لم يكن منهم لم يسم بأسمائهم ولم يوصف بصفاتهم، ولم يعط ثوابهم، ولم يجاورهم في دار كرامة الله التي أعدها لأوليائه وأهل طاعته ومحبته ورضوانه. وبذلك يعلم أن من ترك الأعمال الصالحة زال عنه اسم الإيمان والدين، وفيما ذكرنا من قول الله تعالى وحكمه تكذيب قول المرجية الذين يزعمون أن الصلاة خلف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والحج، ودفع الزكوة، والجهاد في سبيل الله معه، ليس من دين الله، ولا من دين نبيه، ولا دين الإسلام والإيمان، فنعوذ بالله من إفكهم.
صفحة ٢٣١