باب ذكر مشيئة العباد وإرادتهم
وذكر الله مشيئة العباد وإراداتهم في كتابه: فقال عز وجل: { ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء } [الأحزاب: 51]، وقال: { يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما } [البقرة: 35]، وقال: { وكذلك مكنا ليوسف في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء } [يوسف: 21]، وقال: { قل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر } [الكهف: 29]، وهذا على الوعيد والتهدد وكذلك قوله: { اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير } [فصلت: 40]، وقال: { يريدون أن يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا } [الفتح: 15]، وقال: { تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة } [الأنفال: 67]، وقال: { ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة } [التوية: 46]، وقال: { ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما } [النساء: 27]، وقال:{ ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا } [النساء: 60]، فبهذه الآيات ونحوها علمنا أن العباد يريدون ما قد جعل الله لهم السبيل إلى إرادته، ويشاؤن ما قد قواهم على مشيته، غير غالبين لله، ولا خارجين من سلطانه، وهذا خلاف قول القدرية الذين يزعمون أن ليس لأحد من الخلق مشيئة ولا إرادة، مع قولهم أنهم يريدون لأنفسهم الخير، والله يريد لهم بزعمهم الشر، ولا يدعهم يصلحون، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
صفحة ٢١٩