باب في خلق القرآن
وذكر الله القرآن فقال: { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون } [الحجر: 9]، فأخبر أنه منزل محفوظ، كما قال: { وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد } [الحديد: 25]، وكقوله: { وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج } [الزمر: 6]، وقال: { ونزلنا من السماء ماء مباركا } [ق: 9] ولم يقل خلقنا الحديد والماء والأنعام، وكل ذلك مخلوق، وقوله : { خالق كل شيء } [الرعد: 16]، وقوله: { خلق السماوات والأرض وما بينهما } [الروم: 8]، وكذلك القرآن؛ لأنه شيء وهو بين السماوات والأرض، وليس القرآن من أعمال العباد التي أضافها الله إليهم في كتابه، ولا من صنعهم الذي نسبه الله إليهم، فالقرآن داخل في هذه الآيات دون عمل العباد كالأنعام والحديد.
وقال: { ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا } [الشورى:52]، وقال: { الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور } [الأنعام: 1]، فأخبر أنه نور والنور مخلوق.
وقال:{ إنا جعلناه قرآنا عربيا } [الزخرف: 3]، وقال: { خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها } [النساء: 1]، وكذلك خلق القرآن، إذ جعله قرآنا عربيا كما جعل الشمس ضياء والقمر نورا، بأن خلقهما كذلك.
وقال: { ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون } [الأنبياء: 2]، وقال: { أو يحدث لهم ذكرا } [طه: 113]، فأخبر أنه محدث، وأنه ليس بقديم، وإذا كان محدثا فالله أحدثه، وهو مخلوق والله خلقه.
صفحة ٢٠٩