ولذا يصرح السهروردي في مقدمة حكمة الإشراق قائلا: «وما ذكرته من علم الأنوار وجميع ما يبتنى عليه وغيره يساعدني عليه كل من سلك سبيل الله عز وجل، وهو ذوق إمام الحكمة ورئيسها أفلاطون، صاحب الأيد والنور، وكذا من قبله من زمان والد الحكماء هرمس إلى زمانه من عظماء الحكماء وأساطين الحكمة مثل أنباذوقليس، وفيثاغورس، وغيرهما، وكلمات الأولين مرموزة وما رد عليهم، وإن كان متوجها على ظاهر أقاويلهم لم يتوجه على مقاصدهم، فلا رد على الرمز، وعلى هذا يبتني قاعدة الشرق في النور والظلمة التي كانت طريقة حكماء الفرس مثل جاماسف وفرشاوشتر وبوزرجمهر، ومن قبلهم، وهي ليست قاعدة كفرة المجوس وإلحاد ماني، وما يفضي إلى الشرك بالله تعالى.»
11
وعلى الرغم من هذه الأهمية التي مثلها السهروردي في تاريخ التصوف الإسلامي، وعلى الرغم من عمق فلسفته في كافة المجالات التي بحث فيها، إلا أن هناك جوانب عديدة في فلسفته لم تبحث بحثا منهجيا دقيقا شاملا؛ بحيث يتبين لنا أثر فلسفة هذا الفيلسوف.
ومن الموضوعات التي لم تبحث بحثا منهجيا دقيقا شاملا نقده للمنطق الصوري الأرسطي نقدا أضفى عليه بعدا إشراقيا؛ حيث يرى بعض الباحثين أن أفكار السهروردي الفلسفية الخاصة لم تتناول أية فكرة رئيسية منها بالقدر الكافي من البحث والتحليل، وفي مقدمتها جميعا نقده للمنطق الصوري الأرسطي؛ فلقد أجريت بعض الانتقادات من جانب المتكلمين والفقهاء، ولكن نقد السهروردي قد جاء في اتجاه مقابل تماما؛ فقد أنزل المقولات العشر إلى خمس،
12 ⋆
ثم جعل من المنطق سلما صاعدا إلى عالم الإشراق، فإذا ما تأمل القارئ تاريخ المنطق بعد ذلك في الغرب، يدرك ما لنقد السهروردي على المنطق الأرسطي من قيمة بالغة.
إلا أن بعض المستشرقين، من أمثال «هنري كوربان»
Henry Corbin
13
و«ماكس هورتن»
صفحة غير معروفة