ويعلق قطب الدين الشيرازي على هذا فيقول: «بأن المتوغل في البحث والتأله له الرياسة؛ أي رياسة العالم العنصري لكماله في الحكمتين وإحرازه للشريفين وهو خليفة الله؛ لأنه أقرب الخالق منه تعالى، وإن لم يتفق؛ أي لندرته وعزته؛ فالمتوغل في التأله، المتوسط في الباحث لا يسلم من الشك بخلاف الحاصل من التأله، وإن لم يتفق؛ فالحكيم المتوغل في التأله عديم البحث، وهو خليفة الله الذي يهدي به صراطا مستقيما لا أن يقتله ضلالا مبينا فصار وروده ملكة له، بحيث تلحظ النفس متى شاءت من استبيانه ليمكن أن يبني عليه ما يحتاج إليه من الأحكام. هذه أقل الدرجات وأعظمها أن يحصل له الملكة الثانية الطامسة وهي آخر المراتب.»
64
ثالثا: تقسيم السهروردي للمنطق
إن غاية المنطق عند أرسطو هي البرهان، والبرهان نوع من القياس المجرد البسيط، والقياس البسيط مكون من عناصر، هي القضايا، والقضايا تتكون من موضوعات ومحمولات وباختصار من حدود. وعلى ذلك فإن المنطق عند أرسطو والقدماء ينقسم إلى الأقسام الثلاثة الآتية:
القسم الأول:
منطق التصورات أو نظرية التصور: ويختص بمبحث الأسماء والألفاظ المعبرة عن التصورات التي يستخلصها عقلنا من إدراك الأشياء مفردة، وبعبارة أخرى مبحث الحدود بدون اعتبار العلاقات التي قد تكون بينها، وهذا المبحث يؤدي إلى التعريف.
القسم الثاني:
منطق التصديقات أو نظرية الحكم: وهو يبحث في القضايا المعبرة عن الأحكام التي تتكون بإدراك عقلنا لعلاقات بين تصورين أو حدين، أو بعبارة أخرى يبحث في ارتباط فكرة بأخرى في صورة الحكم.
القسم الثالث:
منطق القياس أو نظرية الاستدلال: وهو يبحث في القياس وقواعده وأشكاله وضروبه التي يرد بعضها إلى بعض، أو بعبارة أخرى يبحث في عمليات التزاوج بين قضيتين، تخرج منهما بنتيجة تجمع بينهما، وهذا المبحث يؤدي بنا إلى البرهان الذي هو في نظر أرسطو قياس مقدمات صادقة ويقينية.
صفحة غير معروفة