ثم يقسم القضايا من حيث الكيف إلى موجبة وسالبة، ثم يرد القضايا كلها إلى قضايا موجبة، وهذا يعني رد الفرع إلى الأصل؛ فالسلب فرع والإيجاب أصل، والسهروردي يبحث عن الأصول لا عن الفروع، والمعرفة الإشراقية أصل المعرفة الإنسانية.
وإذا كان السلب جزءا للموضوع أو للمحمول لم يكن قاطعا للنسبة؛ فالإيجاب قطع والسلب ظن، والإيجاب ثابت عيني. أما السلب في الذهن فقط وليس في الخارج. يقول السهروردي: «والحكم الموجب الذهني لا يثبت إلا على ثابت ذهني، والموجب على أنه في العين لا يكون إلا ثابت عيني.»
27
فالمعرفة الإشراقية إذن لا سلب فيها، بل كلها إيجاب، وهي لا تسلب صفة عن الوجود، بل تعطيه صفات الإشراق إيجابا لا سلبا. ثم يقسم السهروردي القضايا من حيث الجهة إلى ضرورية وممتنعة وممكنة، ثم يحذف المجهولة وكمية الموضوع؛ لأن المجهول لا يفيد العلم، ولأن الكيف هو الذي يميز شيئا عن آخر.
28
ثم يرد السهروردي القضايا الممكنة كلها إلى قضايا ضرورية أو بتاتة؛ وذلك لأن الممكن سلب للضروري، والمعرفة الإشراقية معرفة ضرورية وليست ممكنة. ويجعل السهروردي الإمكان والاقتناع جزءا من المحمول، ولم يجعله شرطا للتناقض. والقضية البتاتة هي الوحيدة التي تستخدم في العلوم. أما الممكنة أو الممتنعة فلا تستخدم على الإطلاق. ثم يرد السهروردي كل أشكال القضايا إلى القضية الكلية الموجبة الضرورية، وهي القضية البتاتة كما يسميها.
29
ولم يعرف بفائدة ما للقضية الجزئية إلا في بعض نواحي العكس المستوي والتناقض وبعض ضروب الأقيسة.
30
هذا بالإضافة إلى أنه خرج بآراء مبتكرة أيضا؛ ففي التناقض يحذف السهروردي عديدا من الأبحاث؛ لأنه لا يحتاج إليها في نقد المناطقة المشائين وتفريعاتهم.
صفحة غير معروفة