وفي ذلك يقول قطب الدين الشيرازي في شرحه لحكمة الإشراق ل «السهروردي» إن المنطق المذكور في حكمة الإشراق موجز محذوف عنه الفروع الكثيرة القليلة الاستعمال بين فيه أشياء كانت في طريقهم غير محصلة ولا مهذبة، ولهذا قال: «وأنظم وأضبط وأقل إتعابا في التحصيل لانضباط هذه الطريقة لتحديد قواعدها، وتهذيب مطالبها، وتلخيص زبدها عن زبدها.»
15
ويصف تارة أخرى: «بأنه الآلة الواقية للفكر، جعلناها مختصرة مضبوطة بضوابط قليلة العدد كثيرة الفوائد.»
16
وفي ذلك يقول قطب الدين الشيرازي: «الآلة المشهورة الواقية للفكر يعني المنطق يصون الفكر من الخطأ في انتقالاته من المعلوم إلى المجهول، جعلناها مختصرة مضبوطة بضوابط قليلة العدد لتقوي الذهن من التبديد والخاطر عن التبلد، كثيرة الفوائد لكونها لباب ما يحتاج إليه في هذا الفن، مع تصرفات لطيفة وتنفيحات شريفة منها أنه رد الأشكال (القياسية)، بل الضروب المنتجة من كل شكل، إلى ضرب واحد، والمركب من موجبتين كليتين والسالبة موجبة بالعدول، وإما أن السالبة إنما يمكن جعلها موجبة معدولة إذا كانت مركبة لا بسيطة، وجعل غير الضرورية ضرورية بجعل الجهة جزء المحمول، وهي أن هذه الضوابط يكفيها أقل إشارة، وأدنى إيماء، بخلاف البليد؛ فإنه لا يفهم القليل ولا ينفعه الكثير لطالب الإشراق كافية له أيضا؛ لأنه إذا تفطن لما هو سبيله من شروق الأنوار ولمعان البوارق، فيصير القليل لذلك أكثر المطالب ومهمات المسائل؛ لأن النور السائح هو إكسير المعرفة والحكمة، وما لم يتهيأ الجزم به لتوقفه على الفكر فيكفيه من المنطق الضوابط النورانية لاشتمالها على ما لا بد منه في هذا الفن، وإن كان على سبيل الإجمال.»
17
ويرجع السهروردي مصدر المنطق إلى طريق آخر غير العقل فيقول: «ولم يحصل لي أولا بالفكر، بل كان حصوله بأمر آخر، ثم طلبت الحجة عليه مثلا ما كان يشككني فيه مشكك.»
18
ويعلق قطب الدين الشيرازي على هذا النص، فيقول: «ولم يحصل بالفكر، بل كان حصوله بأمر آخر؛ أي بالذوق والكشف لما ارتكبته من الرياضات والمجاهدات، ثم أي بعد حصوله لي بالذوق والكشف، ثم طلبت الحجة عليه، أي البرهان بالفكر حتى لو قطعت النظر عن الحجة مثلا ما كان يشككني فيه مشكك؛ لأن حصوله اليقين كان بالعيان لا بالبرهان ليمكن أن يشكك فيه بما يورده الخصم.»
19
صفحة غير معروفة