منطلقات طالب العلم
الناشر
المكتبة الإسلامية
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠٢ م
مكان النشر
القاهرة
تصانيف
يقول أبو الحسن الماوردى: " وقلما تجد بالعلم معجبًا، وبما أدرك مفتخرًا، إلا من كان فيه مقلًا مقصرًا؛ لأنه قد يجهل قدره، ويحسب أنه نال بالدخول فيه أكثره.، فأما من كان فيه متوجهًا، ومنه مستكثرًا، فهو يعلم من بعد غايته والعجز عن إدراك نهايته ما يصده عن العجب به. (١)
وقد قال الشعبي: العلم ثلاثة أشبار: فمن نال شبرًا منه شمخ بأنفه، وظن أنَّه ناله، ومن نال منه الشبر الثاني صغرت إليه نفسه، وعلم أن لم ينله، وأما الشبر الثالث فهيهات لا يناله أحدًا أبدًا.
هكذا بان لك - أخي في الله - السبب الحقيقي لهذا الداء العضال والمرض الخطير، ويرحم الله علماء السلف فقد كانوا أعلم الناس بأسباب النجاة، نعم ... - والله - أُتِىَ المعجب من جهله، ونعوذ بالله من الجهل وأهله.
وأنا إذ أحذرك من تلك الشهوة الخفية فلا بد أن أذكر لك - حبيبي في الله - بعض مظاهرها؛ لأنها قد تخفي على الكثير إلا من وفقه الله.
فمن مظاهر هذه الشهوة الخفية:
١. أن يشتغل المتفقه بفرض الكفاية عن فرض العين؛ وأن يشتغل بعلوم الاجتهاد قبل أن يتفقه في دين الله ﷿.
فتجد المسكين بلا عقيدة صحيحة، ولا معرفة صادقة بأسماء الله وصفاته، ولا إلمام بتصحيح العبادات الظاهرة والباطنة، ومع ذلك هو
_________
(١) أدب الدنيا والدين ص (٨١).
1 / 90