وإنما عني بذلك ما ظهر من محمد بن عمر الصيمري، وغيره من إكفارهم فه في مسألة استحقاق الذم والأحوال وغير ذلك، فان أصحاب أبى علي، كان فيهم من يوافقه في ذلك، أو في بعضه، ومنهم من يتوقف، ومنهم من يعظم خلافه، وينتهي به الى إكفاره في بعضه، وله عليهم الكتب الكثيرة.
ولقد كان أغلظهم في ذلك، محمد بن عمر الصيمري، فكان فيه خشونة، حتى كان ربما أنكر على أبي علي بعض ما يأتيه.
فقد حكى أن بعضى المتصرفين للسلطان احتبسه الطعام، فأجابه، فأنكر عليه الصيمري ذلك، فقال له: الست تعلم أن طعامه الذي يقدمه إلينا مما يشتريه! وأن الغالب أنهم يشترون لا بعين المال، فما تعلم أن ذلك ملكه، وأنه مما يحل له تناوله، إلى كلام يشبه ذلك.
قيل: وكان يأخذ علم النحو عن المبرد، وكان في المبرد سخف، فقيل لأبى هاشم: كيف تحتمل سخفه؟ فقال: رأيت احتماله أول من الجهل بالعربية.
هذا معنى كلامه.
ولما قل ما في يده، قدم الى بغداد سنة سبع عشرة وثلاثمائة، وتوفي في شعبان سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة.
ومن هذه الطبقة: محمد بن عمر الصيمري، كان عالما زاهدا، أخذ عن أبي علي، وكان قد أخذ قبله عن معتزلة بغداد أبي الحسين وغيره، وله كتب ومناظرات. وكان عند ضيق الأمر به، ربما يعلم الصبيان، فيرزق ويكتسب من هذا الوجه.
وكان ورعا حسن الطريقة، إلا ما كان منه الغلو في معاداة أبي هاشم، حتى أكفره بسبب قوله في الأحوال، حتى جاء الى أهله وأوهمها أن الفرقة قد وقعت بينها وبينه أبي هاشم، فقالت: «فما تقول إذا كنا على مثل رأيه؟» فانصرف.
وكان مذهبه في الدار، كمذهب الهدوية، أن الدار إذا غلب عليها الجبر والتشبيه، فهي دار كفر.
ومنها أبو عمر سعيد بن محمد الباهلي.
قال القاضي: كان أوحد زمانه في علم الكلام، والأخبار، والمواعظ والشعر، وأيام الناس، أخذ عن أبي علي، ولازمه كل عمره لا يفارقه، إلا ما يقضى حق أهله بالعسكر، ثم يرجع. وعامة كلام أبي علي بخط أبي عمر، واستملائه.
صفحة ٨٢