ومن هذه الطبقة، عمرو بن عبيد بن ثاب، وثاب من سبي بابل من ثغور بلخ، وهو مولى لآل عرادة من يربوع بن مالك، وكنية عمرو أبو عثمان. روى ابن يزداد «2» باسناده عن صالح بن عمرو بن زيد قال: «كان عمرو بن عبيد من أعلم الناس بأمر الدين والدنيا» قال صالح: وسئل ابن السماك، فقيل، صف لنا عمرو بن عبيد» فقال: «كان عمرو إذا رأيته مقبلا، توهمته جاء من دفن والديه، ولما رأيته جالسا، توهمته أجلس للقعود، وإذا رأيته متكلما، توهمت أن الجنة والنار لم يخلقا إلا له». وعن يحيى بن معين «3» قال: حدثنا سفيان بن عيينة قال: قال ابن نجيح: «ما رأيت أحدا أعلم من عمرو بن عبيد «1»، وكان رأى مجاهدا وغيره»، قال الجاحظ: «صلى عمروا أربعين عاما صلاة الفجر بوضوء المغرب، وحج أربعين حجة ماشيا، وبعيره موقوف على من أحصر، وكان يحيى الليل بركعة واحدة، ويرجع آية واحدة».
فرع:
وقد رويت مناظرته لواصل في الفاسق، يعرف الله تعالى ، وإنما خرجت المعرفة من قلبه عند قذفه (للايمان)، فان قلت لم يزل يعرف الله، فما حجتك؟
وأنت لم تسمه منافقا قبل القذف وإن زعمت أن المعرفة خرجت من قلبه عند قذفه، قلنا لك: فلم لا أدخلها في القلب بتركه القذف، كما أخرجها بالقذف؟ وقال له: «أليس الناس يعرفون الله بالأدلة، ويجهلونه بدخول الشبهة؟
فأي شبهة دخلت على القاذف؟» فرأى عمرو، لزوم هذا الكلام، فقال:
صفحة ٣٩